وأخيراً عرفت الله ... جزء 1/4
وأخيراً عرفت الله ...
جـــــــزء1

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات وبفضلة وبجوده تنجلي العسرات وبرحمته الواسعة تتنزل الخيرات وبقرآنه الكريم تحل البركات..

والصلاة والسلام على جميع الأنبياء والمرسلين الذين اجتباهم الله لهداية العالمين وأرسلهم بالتوحيد الخالص..

وصلاة وسلاماً من الله وملائكته على خير خلق الله أجمعين محمد بن عبد الله الصادق الأمين المبعوث رحمة للعالمين صاحب الشفاعة يوم دين الذي عبد ربه حتى أتاه اليقين..

وعلى آله الطيبين الطاهرين، وعلى أزواجه الطاهرات العفيفات الصالحات المؤمنات القانتات أمهات المؤمنين، وعلى أصحابه الغر الميامين الذين رباهم رسول الله فجعلهم خير هداة لدين الله في العالمين، وعلى التابعين لهم وتابعي تابعيهم بإحسان إلي يوم الدين..

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له مالك الملك وأن محمدا عبده ورسوله..

وأشهد أن أبو بكر الصديق في الجنة وعمر بن الخطاب في الجنة وعثمان بن عفان في الجنة وعلي بن أبي طالب في الجنة وطلحة بن عبيد الله في الجنة والزبير بن العوام في الجنة وأبوعبيدة عامر بن الجراح في الجنة و عبد الرحمن بن عوف في الجنة وسعد بن أبي وقاص في الجنة.. وسعيد بن زيد في الجنة..

وأشهد أن الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة وأشهد أن فاطمة الزهراء سيدة نساء أهل الجنة..

وأشهد أن الله حق وأن الرسل حق ومحمد حق والملائكة حق والجنة حق والنار حق والساعة حق والبرزخ حق والقبر حق والحساب حق والقرآن حق..

وأشهد أن الله ليس كمثله شئ وأنه سبحانه وتعالي في السماء - أي على السماء مستو على عرشه استواءً نثبته ونفوض كيفيته..

وأنه جل وعلي يتنزل في الثلث الأخير من الليل إلي السماء الدنيا نزولاً يليق بعزته نثبته و نفوض كيفيته وأنه عز وجل له يدان وكلتا يدي ربي يمين نثبتهما حقيقة دون تمثيل كالمجسمة ودون تعطيل كالأشاعرة النفاة بل نقول: له يدان حقا ونفوض كيفيتهما، وأنه سبحانه وتعالى له سمع ليس كسمعنا وله بصر ليس كبصرنا

( لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ) (الشورى:11 )

وأنه سبحانه وتعالى مع جميع المخلوقات معية عامة مقتضاها العلم والإحاطة، وأنه سبحانه وتعالي مع الأنبياء والصالحين والمؤمنين من خلقه معية خاصة مقتضاها النصرة والتثبيت والإعانة، وأشهد أن كلتا المعييتين ليستا بذاته كما ادعي الحلولية المجسمة من ( الجهمية ) وبعض طوائف ( الصوفية ).. سبحان الله وتعالى عما يقولون علوا كبيرا..

وأشهد أن الله هو خالق الإنسان وخالق أفعاله وأن الإنسان فاعل مختار وهذه عقيدة أدين بها لله عز وجل وأتبرأ من ( الجبرية(الذين ادعوا أن أفعال الإنسان هي أفعال الله التي أجراها على يدي الخلق دون إرادة منهم ولا اختيار وأن تلك إلا فعال تنسب إلي الخلق نسبة فعل لا نسبة مجاز، ففتحوا بذلك أبواب المعاصي علي مصراعيها بذريعة أن العبد مجبر علي فعلها قبحهم الله وأرداهم في الحافرة..

وأتبرأ من نفاة القدر ( القدرية) الذين نفوا القدر عن فعل العبد و ادعوا أن العبد هو خالق أفعاله وأن الله لم يقدر له هذه الأفعال بل لم يعلمها الله قبل وجودها وهؤلاء منهم الرافضة قبحهم الله وأخزاهم الذين اجترؤوا علي خالقهم..

وأشهد أن أهل السنة والجماعة هم أهل الحق الذين يشهدون وأنا معهم أن الإنسان فاعل مختار لأفعاله وأنه يثاب عليها إن كانت خيرا ويعاقب عليها إن كانت شرا وأن الله هو خالقه وخالق أفعاله خيرها وشرها مع تنزيهه جل وعلا عن الظلم -

وأشهد أن الإيمان يزداد بالطاعات وينقص بالمعاصي كما أخبرنا المعصوم صلوات الله وسلامه عليه وعلي اله وصحبه وسلم..

وأشهد أن ( الخوارج ) قوم بهت افتروا علي الله ورسوله حين ادعوا أن مرتكب الكبيرة كافر مخلد في النار، وأشهد أن (المرجئة) قوم ضالون حين سوغوا فعل الذنوب بحجة أنه - لا يضير مع الإيمان ذنب - قبحهم الله وأخزاهم.

ثم أما بعد

فهذه هي عقيدة أخيكم في الله الذي يدعوا الله أن يلقاه عليها، نعم إخوتي تلك عقيدة أهل السنة والجماعة، كثير منكم قد يتساءل:

لماذا كتبت هذا الاعتقاد المفصل ؟؟؟

ألم يكن يكفي أن أكتب أنني علي مذهب أهل السنة إجمالاً؟؟

فأجيبكم إخواني أنكم ستعرفون لماذا هذا التفصيل من طيات هذه القصة:

-        نعم - هي قصتي في البحث عن الله رغم أني ولدت من أبوين مسلمين وكنت أذهب إلى مكتب تحفيظ القرآن من صغري,, وارتبطت بالشيخ الذي كان نظره ضعيفا جدا وكان يحبني وأحبه,,, نعم أهلي لم يكتفوا بتعليمي في أفضل رياض الأطفال فقط بل أخذوني إلى هذا الشيخ كي يحفظني القرآن وكان أبي يتمني أن أحفظه مثله ومثل جدي ...

كان وقتها عمري أربع سنوات لم أكن اعرف في حياتي إلا خمسة أشياء:

أبي وأمي وأختي والشيخ وكتاب الله...

ثم انتقلنا إلي مدينة أخرى نسكن فيها، وبذلك ابتعدت عن الشيخ الذي كنت أحبه وحفظت معه جزء ونصف من كتاب الله، إلا أن الوالد لم ينس أمنيته فأخذ بيدي إلي مكتب تحفيظ للقرآن في المدينة الجديدة التي انتقلنا إليها والذي كان قريبا جدا من منزلنا الجديد ودخلت هذا المكتب وداخلي رهبة من المجهول رهبة كانت تختلج أضلعي أكاد أشعر بها الآن رغم بعد السنوات..

كانت تدور في ذهني وقتئذ خواطر عديدة..

هل سأحب الشيخ ؟؟

ما هو شكله ؟؟

هل خفيف الدم مثل شيخي السابق الذي أحببته ؟؟

هل .. هل .. هل .. ؟؟؟

ودخلت فإذا صدري ينشرح فجأة !!! ووجدت أطفالا في سني ووجد من هم أكبر مني...

ووجدت الشيخ - الكفيف - جالساً على مكتب متواضع جداً ومعه فلكة ( عصا مخيفة ) ووجدت عن يمينه طفلاً يقرأ عليه سورة وعن يساره طفلاً آخر يقرأ عليه سورة أخرى وأمامه شاب يقرأ عليه من سورة ثالثة وكان يستمع إلى الثلاثة في وقت واحد, فأصابني الذهول وأنا أراه يصحح لهذا ويضرب هذا ويمسك أذن هذا !!!

كان أبي معي وكنت ممسكا بيده فازددت تمسكا به فنظر إلي وابتسم...

بعدما فرغ الشيخ من هذه الملحمة الثلاثية ألقينا عليه السلام فسلم علينا وجلس أبي يتكلم معه وأنا أتفحص المكان وأتأمل وجوه الأطفال...

وفجأة سمعت من يناديني ويقول: تعال يا بني, فانتبهت فإذا هو الشيخ الكفيف قمت إليه فأخذني وضمني وقبل رأسي وقال:

أنا أحب الأطفال الذين يواظبون على الحفظ والتلاوة، فوعدته بذلك وأنا مسرور جداً....

بداية قصتي مع الضلال..

ومن هذه اللحظة بدأت قصتي مع الضلال !!!

نعم إخوتي في الله، من هنا بدأت قصتي مع الضلال وأنا لا أدري بعد أن وعدت الشيخ أنني سأواظب على الانتظام في الحفظ والتلاوة....

بدأت أذهب بالفعل وانتظمت في الدراسة مع حفظ القرآن وكانت حياتي جميلة كلها قرآن ...

إلا أن هناك شيئا غريبا لم ينتبه له هذا الطفل ذو السنين الست من العمر، وهو هذا المسجد الذي كان مكتب التحفيظ تابعا له, كان مسجدا كبيرا وكنت إذا حضرت الصلاة صعدنا إلى المسجد وصلينا ثم نرجع إلى المكتب نستكمل التعلم.

زاد ارتباطي بالشيخ وبالمسجد حتى قابلت رجلا له هيبة في المسجد يوما بعد صلاة العشاء...

أتى إلي بعد الصلاة وسألني عن اسمي ؟؟

وقال لي: اجلس معنا قليلا نقرأ القرآن ونذكر الله,, صدقوني أن هذا كله كان وقتها عمري ستة سنوات ,

واستجبت لطلبه وجلست معهم.. وكان فيهم شيوخ من الأزهر وكان معهم الشيخ الذي يحفظني القرآن وكان معهم ناس ذووا مكانة رفيعة في المجتمع.... نعم أحبتي كانت هذه هي بداية الضلال !!!

لقد كان هؤلاء الناس من ( الصوفية ) وكانت الطريقة التي هم عليها من أشد الطرق الصوفية ضلالا وتيها, ولكن كيف لهذا الطفل الصغير أن يعي ما يفعله وما يقوله من الأوراد المنحرفة والمبتدعة مع هؤلاء الناس ؟!! أذكر لكم إخواني بعضا من هذه الأوراد التي كنت ارددها معهم في ( الحضرة ) حتى أني كنت أحفظ كتاب الأوراد كاملا لأن عمري كان صغيرا وكانوا منبهرين من مقدرتي علي الحفظ رغم صغر سني!!!!!

المهم هذه بعضا من الأوراد التي ما زلت أذكرها ( اللهم صل على الذات المحمدية اللطيفة الأحدية شمس سماء الأسرار ومركز مدار الجلال وقطب فلك الجمال إنسان عين الوجود والسبب في كل موجود.) ، (اللهم انشلني من أوحال التوحيد وأغرقني في عين بحر الوحدة حتى لا أري ولا أسمع ولا أجد ولا أحس إلا بها

يا سيدي يا رسول الله يا سندي يا واسع الفضل والإحسان والمدد يا من هو المرتجي في كل نازلة ومن هو المورد الأحلى لكل صدي يا آخذا بيد الملهوف هاك يدي مبسوطة لسؤال العطف والمدد مالي سواك يا رسول الله ينقذني...)

ليس هذا فحسب بل كنا نستغيث بجميع الأولياء من البدوي والشيرازي والدسوقي القناوي وغيرهم ...

ومكثت مع هذه الطريقة الصوفية إلى أن صار عمري ثمانية عشر عاماً.... نعم إخوتي في الله اثني عشر عاما من التيه والضلال والشرك بالله والاستغاثة بالأولياء.

وكنت من النجباء عندهم ومن المقدمين في الحضرات الشركية والبدعية... ثم بدأت أخجل من نفسي وأقول لنفسي: أنت شاب علي أعتاب الجامعة ومتفوق دراسياً.

مالك وهؤلاء دعهم اتركهم هم مجموعة من الدراويش... ولكن كيف اتركهم وأنا اصلي معهم جميع الصلوات في مسجدهم وتربيت علي يد محفظ القرآن الذي هو أيضاً معهم .

يتبــــــــــع