رحلتي عبر دهاليز الشيعة المظلمة إلى نور مذهب أهل السنة والجماعة .. جزء 2/3

جـــــزء ( 2 ) 

وبدأتُ الصلاة !!!!


كنت في المرحلة المتوسطة وكان هناك مسجد لأهل السنة مقابل للمدرسة بحيث كنا نسمع آذان الظهر...

كان مدرس الرياضيات مسلم سني ملتزم بدينه.. وكان  من عادته التوقف عن الدراسة إذا ارتفع الآذان ويقف أمامنا وهو يتمتم بكلمات لم أكن ادري إنها كانت الترديد بعد الآذان...

وبعد الانتهاء من الآذان كان يعود مرة ثانية إلى التدريس... و أثناء الآذان كان يخيم على الصف سكون جميل ومخيف في نفس الوقت.... خوفا من الحركة أو البوح بكلمة أثناء الآذان....

توالت الأيام والمدرس يفعل ذلك وبدأت أنا بدل الصمت والخوف من المدرس استمع إلى الآذان فدخل في قلبي صوت المؤذن وكلمات الأذان...

رجعت إلى البيت يوما بعد المدرسة و أخبرت والدتي أنى سوف ابدأ بالصلاة.... فرحت والدتي و أحضرت لي سجادة وتربة كربلائية وما أكثرها في بيتنا...

والتربة هي عبارة عن قطعة طينية متصلبة تصنع من تراب كربلاء يشترط وضعها تحت الجبهة عند السجود.... بالطبع لم أفكر لحظة واحدة بأي طريقة سوف أتوضأ أو اصلي... فلسان حالي هو انا وجدنا آبائنا على أمة وأنا على آثارهم لمهتدون

بدأت بالذهاب مع الشباب الشيعة في منطقتنا إلى الكاظمية كل جمعة لكي نصلي الظهر والعصر في مسجد يتواجد فيه مندوب الصدر مرجع الشيعة الأكبر في العراق الذي كان يقيم في مدينة النجف وكان المندوب اسمه حسين الصدر.

ومن كثرة تردننا تكونت علاقة قوية بيننا نحن الشباب وبين حسين الصدر... فكنا نجلس بعد صلاة الظهر والعصر إلى صلاة المغرب نسأله وهو يجيب على أسئلتنا.... ومن الأسئلة التي طرحتها عليه هو سبب عدم أدائنا لصلاة الجمعة؟؟ ... وسبب السجود على التربة ؟؟..

.ثم كنت حريصا جدا على حضور محاضرات الوائلي في شهر رمضان لأنه كان متكلم جيد وبقدر ما كنت أحبه وأحب دروسه حينها بنفس القدر ابغضه وابغض كلامه اليوم لسبه للصحابة الكرام ..

عرفت أن هناك عالما شيعيا يؤدي صلاة الجمعة في المسجد الملاصق لقبر موسى الكاظم ... واسم هذا العالم هو ألخالصي فبدأت بالذهاب إلى صلاة الجمعة..

وكان هذا هو أول تمرد مني على مرجعية الصدر فكان هو لا يرى وجوب صلاة الجمعة رغم وضوح الآية القرآنية فيها...

لحد تلك اللحظة كنت اسمع و أقرا حجج وردود الشيعة على أهل السنة من كتب الشيعة ومن لسان علمائهم ولم أكن قد تكلمت مع رجل سني حول تلك الأمور قط... 

أمتار قليلة انجتني بعد الله من السجون ودين الشيعة !!


الوضع السياسي كان متوترا جدا بين الحكومة العراقية والشيعة في العراق بسبب الثورة الإيرانية وقتها...

مسكت الحكومة المرجع الكبير الصدر ودعي الخميني يومها إلى الخروج بمظاهرة ضد الحكومة لمطالبتها للإفراج عنه ويكون مكان تجمع المظاهرة عند قبر موسى الكاظم في الكاظمية ..

فقررنا نحن الشيعة في المنطقة وبتنسيق مع باقي الشيعة في بغداد من حضور المظاهرة.....

وصلنا الى الكاظمية وكان الوقت عصرا وقد جهزت الحكومة السيارات التي تحمل الرشاشات والمئات من رجال الأمن وعند تجمعنا في المكان المحدد هجم رجال الأمن علينا وكان من فضل الله أني كنت أتواجد بعيدا قليلا عن مركز التجمع... فاستطعت الهروب والرجوع إلى البيت.. وامسكوا حينها الكثير ممن اعرفهم ولم اسمع عنهم شيئا...

ولا زلت أتذكر تلك الحادثة وأقول مع نفسي لو قدر الله لي ان مشيت أمتارا أخرى إلى الأمام لكنت ضمن من مسكوا في تلك الليلة ولو مسكت حينها فقد أكون قد مت على شيعيتي في داخل السجون فسوف لن تتوفر لي الفرصة من الالتقاء بأخوتي من أهل السنة والجماعة بل العكس قد يزداد تعصبي للشيعة بسبب أنهم سجنوني لكوني شيعي معارض لهم...

فكثيرا ما احمد الله على تلك الأمتار القليلة التي أنجتني من ظلمات السجون والشيعة....

بعد أسابيع قليلة أفرجت الحكومة عن الصدر فقرر الشيعة إرسال وفود من كل المدن الشيعية لتهنئة الصدر على الخروج من المعتقل و إظهار التضامن معه ... وكنت أنا مع الوفد الذي خرج من بغداد...

ركبنا السيارة إلى النجف ووقفنا في صف طويل إلى إن دخلنا إلى بيته وسلمنا عليه ثم قمنا بزيارة قبر عليرضي الله عنه على الطريقة الشيعية ثم صلينا الظهر والعصر خلف الخوئي وهو أيضا من المراجع الشيعية المعروفة في العراق وعدنا ليلا إلى بغداد وكأننا أنجزتا عملا جبارا...واستمر الحال هكذا بين كر وفر مع الحكومة...

في مسجد السنة التربة الحسينية تلتصق في جبهتي!!


كان هناك مسجد لأهل السنة
 كبير في منطقتنا.... فقررت الذهاب والصلاة فيه.... واذكر أول مرة عندما دخلت المسجد رافقني شعور خليط بين الغربة والتوجس والتحدي ....وكأني دخلت إلى ساحة قتال التفت يمينا وشمالا..

 

ذهبت إلى مكان الوضوء فمسحت على رجلي وسط تحديق من كان في مكان الوضوء من أهل السنة....

والمسجد كان يرتاده خليط من الأعمار.... كبير وشاب وصغير.... أذن المؤذن فدخلت إلى المصلى.... وأخذت مكاني في الصف الأول ووضعت التربة أمامي .... فانحنى تقريبا كل من في الصف الأول لمشاهدة من الذي قام بذلك الفعل.... وأنا واقف في مكاني انظر إلى الجميع نظرات خليطها من التحدي ولسان حالي يقول.... مالكم تنظرون إلي؟؟؟

 

كبر الأمام فتكتف الجميع الأيدي أسبلتهما ووضعتها على فخذاي .... أمن الجميع بعد الفاتحة إلا أنا ضللت صامتا ... وقلت مع نفسي فسدت صلاتهم لقولهم آمين....

 

ركعوا فركعت وسجدوا فسجدت على تربتي الطينية.... وكان الوقت صيفا وقد تصبب العرق من وجنتي كنتيجة لتوتري وحرارة الجو.... فالتصقت التربة في جبهتي وارتفعت مع راسي.... لا حول ولا قوة إلا بالله هل هذا وقتك يا تربة !! .... أخذتها بيدي وأرجعتها إلى مكانها آمنة مطمئنة.... ومسحت عن جبيني العرق .... سلموا فرفعت يدي ثلاثا وضربتها على فخذي.... وكما بدأت الصلاة انتهت بتحديق الجميع علي وعلى تربتي وحركة يدي الغريبة بعد التسليم....

 

خالد وبداية المشوار

 

تقدم احدهم إلي وعرفني بنفسه...اسمي خالد الكيسي ... أهلا وسهلا بك..... قلتها وفي داخلي شك كبير تجاهه وتوجس غريب ضده... كان هادئ الطباع.. دمث الأخلاق... جميل الكلام... جلسنا بين صلاة المغرب والعشاء تبادلنا الحديث وتعارفنا على بعض.... لم اصلي العشاء مباشرة بعد المغرب كعادتي بل شدني الحديث مع خالد حتى حانت صلاة العشاء.... رفع آذان العشاء فقمت وصليت معهم وكانت هذه أول مرة اصلي العشاء بدون جمعها مع المغرب... 

يتبــــــــــع >>>>>

 

*********