إن الحمد لله ، نحمده و نستعينه و نستغفره ، و نعوذ بالله من شرور أنفسنا و من سيئات أعمالنا ، من يهدِ الله فلا مضل له
، و من يضلل فلا هادي له ، و أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له و أشهد أن محمداً عبده و رسوله صلى الله عليه و سلم .
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) (آل عمران:102)
(يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً) (النساء:1)
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً) (الأحزاب:70-71)
أما بعد ..
مقدمة :
ففي البداية أود أعزائي القراء وأحبائي زوار المواقع المهتمة على شبكة الانترنت أن أحييكم بتحية الإسلام ،
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، تحية من القلب خالصة وأرحب بكم ترحيباً من أعماق قلبي مستهلاً انطلاقتي معكم بتقديم تعريف
موجز بشخصي اطرحه بين أيديكم في ديباجة ممزوجة بعطر الوفاء والإخلاص ومطرزة بتعابير الصدق وإرادة الخير لكم جميعاً .
أحبتي اقدم لكم نفسي فأنا المكنى كما يسميني أحبائي وأصدقائي بـ (( أبي عمار العراقي ))
رجل من اتباع دين الله الحنيف الإسلام الذي ختم الله به شرائعه ، كنت اعبده تعالى على الوجهة الشيعية ، فأنا (( شيعي المذهب ))
وبقيت على ذلك زمنا ، و قد رافق ذلك حياتي منذ النشأة مروراً بمرحلة الشباب ، و ملخص هذا كله اني انتسب إلى عائلة شيعية
معروفة لها قدرها ومنزلتها الرفيعة في المجتمع ، واعتذر عن عدم التصريح باسم عائلتي أو باسمي الصريح لأسباب شخصية ، و لكن من
الممكن إذا يسر الله تعالى و زالت تلك الموانع أن أنشر معلومات كاملة عني و عن عائلتي ، و ربما كان ذلك في القريب إن شاء الله تعالى .
حصلت على شهادة الماجستير في الهندسة من إحدى الدول الأوربية ، وكنت في مراحل الدراسة منكباً على دراستي ، أما انتسابي إلى الشيعة فقد كان مقتصراً على
الانتماء فقط وأداء الطقوس والشعائر العامة التي تمارس من قبل غالب الشيعة على اختلاف أحوالهم من صلاة ، وصوم ، وزيارة للقبور ،
ولطم ، ونياحة ، حتى أني مارست فعلاً أثناء فترة الشباب ضرب نفسي بالحراب و السلاسل التي نسميها عندنا (الزناجيل والقامات) .
وعندما بلغت أشدي انفتح أمامي باب أوسع للإطلاع ومجال اكبر للبحث والتنقيب والسؤال والاستفصال والبحث عن
الحقائق والأدلة والدوافع ، وتزامن ذلك مع تشعب علاقاتي وكثرة لقاءاتي مع الناس بمختلف مشاربهم الفكرية ، فالتقيت بأناس من الشيعة و من
أهل السنة و تحاورت مع الجميع ، بل و في غياب العلم الشرعي التقيت حتى ببعض النصارى ، الأمر الذي أدى إلى إفراز جوانب سلبية وإيجابية .
فأما الإيجابيات فهي أن ذلك كان أيذاناً بخروجي من بوتقة التقليد الذي كنت قابعاً خلفه فأنقشعت بتلك
الحوارات التي كنت أحرص عليها كثير من الحجب التي دأب سادة الشيعة ومراجعها على وضعها في طريق أتباع المذهب من أمثالي من الشباب .
واما السلبيات فقد كانت
في حجم الأدلة والحجج التي كنت أجابه بها من قبل أهل السنة ، اتهامات للشيعة بتحريف القران ، وسب الصحابة ، وسب أمهات المؤمنين ، والغلو في الأئمة ،
والتفسير الباطني للقران ، … وغيرها من المخالفات الكثيرة لدين الإسلام - وهذه وان كنت عددتها من السلبيات فإنها كانت كذلك في وقتها
، الا اني عرفت الان انها كانت أشياء إيجابية ، لانها وكما ستعرفون قد أدت بي إلى ان أتعرف إلى المذهب الحق مذهب أهل السنة والجماعة .
وكم كانت الدهشة تتملكني مع العجز الذي يحيط بي عندما أرى أهل السنة بصورة خاصة
يأتون على كل ما اتهموا به الشيعة بأدلة وحجج يكاد العاقل معها ان يجزم بصحة كل أقوالهم ولكني ولاجل ما نشأت عليه من عقائد وأفكار كنت
أرد ذلك بأجوبة اعتاد الشيعي على استخدامها كلما جوبه بما جوبهت به من حقائق ، لقد كنت – رغم قلة علمي بأصول الخلاف بين الطائفتين -
اسلك طريق الجدال مع كل من يواجهني بالطعن في المذهب الذي أنا عليه ، لم يكن هدفي بالطبع قول الحق أو الدفاع عن الدين بقدر ما كان
الانتصار لطائفتي و الدفاع عن معتقدات ألفتها و ألفها معظم أبناء الطائفة الشيعية ، لكنني كنت في نفس الوقت قد تنبهت – نتيجة تلك الحوارات –
إلى أن ثمة خطأ عظيم يتعلق بما نحن عليه من عقائد و لهذا كله لم اكن ادري ما أقول ، ولا ادري كيف التصرف ، وكيف المنجى ، وأين السبيل .
فأتعبت فكري وأرهقت عقلي وأعملت بجهد كل نظري للوصول إلى الحق ، لاريح نفسي من هم ألم بها ولأطمئن خاطري وفكري
وعقلي ولاجبر كسري ، فرمت سبيل الباحثين وتيممت طريق الدارسين وانطلقت في مضمار الطالبين اسأل هذا وذاك ، واستفسر من هذا ذاك ، وأجوب
البلدان و القرى ، واستوى عندي الليل والنهار وأضحت أوراقي من جراء طول بحثي تعادل الأسفار وانفتحت علي أبواب كثيرة مثل السيل ينهار .
وبعد هذه الرحلة الطويلة ، و بعد أن ظهر لي الحق و بعد أن تبين لي بطلان مذهب الشيعة الذي كنت عليه و معارضته لما جاء به القرآن و لما جاء
به محمد صلى الله عليه و سلم ، بعد كل ذلك وقفت متأملاً مع نفسي سائلاً إياها : أأبقى على مذهبي مع ما يحمله من متناقضات والزامات أم اصدع
بما توصلت إليه من الحق وأتحمل في سبيل ذلك المشاق والآلام والمصاعب ؟ وبعد وقفة دعاء التجأت فيها إلى الله تعالى قاصداً إياه ان يهديني سواء
السبيل ، وبعد هذا المسار الشاق والسير المتعب أطمأنت النفس واتخذت اشد قرار على النفس في خضم متعلقاته الصعبة – طرد من البيت والعشيرة ،
ومحاربة في الرزق ، وتشهير واعتداء - فانتحلت باقتناع وبدون ضغط ولا استدراج ولا محاباة للاتجاه السني (( مذهب أهل السنة والجماعة )) -
وهذا حال كثير من إخواني و أحبتي العراقيين اللذين كانوا من الشيعة و تحولوا ولله الحمد إلى مذهب أهل السنة والجماعة ، حتى انك أصبحت ترى بعض مساجد
أهل السنة تضم في صفوف الصلاة مصلين متحولين اكثر من مصلي أهل السنة أنفسهم ، وأصبحت هذه ظاهرة منتشرة تزعج علماء الشيعة كثيراً -
وقد أليت على نفسي ان أكون للحق مبيناً ، وللزيغ فاضحاً ، يدفعني إلى ذلك حب
الخير للجميع وأرادته لهم وان ينعموا بما انعم الله به علي من قرار العين ولذة الإيمان وسلامة الفكر والمعتقد والعمل و الدين المطابق لفطرة الإنسان .
فخضت بحار الكتب والمؤلفات ، وجاوزت مفازات الدواوين والأسفار ، وتسورت أسوار العلماء والمراجع ، وغصت في أعماق
الأحاديث والآثار زيادة في اطمئنان النفس والزام الحجة للغير ، ومن هذا المنطلق تجدوني أيها الإخوة اليوم عندكم لاقدم إليكم على طبق من الحب والصدق والوفاء
والتفاني في الإخلاص لكم أطيب ما توصلت إليه والذ ما تعبت في جمعه وتدوينه خالصاً سائغاً للشاربين ، فمن شاء منكم فليتزود والله يهديه إلى صراط مستقيم
(وَإِنَّ اللَّهَ لَهَادِ الَّذِينَ آمَنُوا إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ)(الحج: من الآية54)، ومن شاء فلينظر وليطلع لعله بما صنفت ينتفع وليكن حالي فيكم كما قال تعالى
: ? وَإِنْ يَكُ كَاذِباً فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ وَإِنْ يَكُ صَادِقاً يُصِبْكُمْ بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذَّابٌ ? (غافر: من الآية28)
فتجردوا من الهوى كما تجردت ، وابتعدوا عن التعصب
و الانتصار للنفس كما ابتعدت وليكن دافعكم كما هو حال أسلافكم أهل الحق والعدل البحث عن الحقيقة ومحاولة الوصول إليها والابتعاد عن كل ما يحجبها أو
يعميها أو يغطيها وبعد هذه المقدمة التي كان لا بد منها ، و التي أرجو ان لا أكون قد أثقلت عليكم فيها اقدم لكم بعض النقاط الموجزة التي تتعلق بكيفية عرضي
أولاً :
أود الإشارة إلى انني قد التزمت بمنهج ضبطت به نفسي وهو عدم المبالغة في الاهتمام
بقضية التعريف بنفسي أو تفاصيل انتقالي إلى المذهب الحق ، أو غير ذلك مما يتشدق به الكثيرون مما لا يكون أساسياً في مثل ما نحن بصدده من بيان الحق
و الدعوة إليه، إنما هي شهادة حق أسأل عليها أمام الله جل وعلا يوم القيامة ، واطرحها إليكم مبرئاً نفسي من إثم الكتمان ومنع العلم عن الانتشار ، وحجة أدافع
بها عن نفسي أمام الله بأنني قد بلغت ما أمكنني تبليغه وأوصلت ما باستطاعتي إيصاله إلى الناس لعل الله ان ينفع بها من كان له قلب أوألقى السمع وهو شهيد .
ثانياً :
لعل ما دفعني لنشر
أبحاثي ومؤلفاتي في شتى مسائل المذهب الشيعي على شبكة الانترنت خاصة هو ما حال أصلاً دون نشرها على شكل كتاب أو كتب لينتفع بها القدر الأكبر من الناس .
فمن هذه الحوائل :
ما يتعلق بالظرف الذي يمر به العراق من انعدام أمن ، وتفكك نظام يجعل من
السهل على ضعيفي النفوس تحقيق الانتقام ومجابهة الحجة بالرد الهمجي المتطرف والمتمثل بالقتل أو المحاربة محاربة علنية عن طريق التهديد بالقتل أو
إيذاء الأهل بالخطف أو التنكيل ، فالرادع للهمج غير موجود ، ومما يؤيد كلامي ما حصل واقعاً من قتل الكثير من اخوتنا (( أهل السنة والجماعة ))
ممن كانوا على مثل ما كنت عليه ثم صاروا إلى ما صرت إليه - من الشيعة المتحولين وممن لهم كتابات تفضح التشيع
كالشهيد إن شاء الله كمحمد عودة رحمه الله ، وغيره من المتحولين ممن لم يكن لهم كتابات وردود وانما مجرد التحول كأخوتنا في منطقة الشعب ، سيف
، وعبد الحميد ، وأبو حمزة اللذين نحسبهم من الشهداء و لا نزكي على الله أحداً ، وغيرهم كثير في البصرة ، والناصرية ، والكوت من اللذين اغتيلوا على
أيدي الشيعة الذين لا رابط يربطهم ولا دين يلجمهم ولا علم يحجمهم ولا خلق يردعهم فأقتضت المصلحة التربص والانتظار حتى يتجلى الأمر وتتضح السبل .
ومنها :
ما يتعلق بضعف الإمكانيات المستخدمة في عملية الطباعة والتنضيد والنشر فالكهرباء أمرها معلوم لديكم ، أنقطاعها اكثر
من استمرارها وأوقات الانقطاع مع الأسف غير محددة مما يؤدي إلى إشكاليات في تنسيق العمل وترتيبه ، فضلاً عن ان الإمكانات المادية المتعلقة بالنشر
مع الأسف غير متوافرة لانعدام الداعم والممول وخوف الكثيرين من تبني مسألة النشر والتوزيع للسبب نفسه الذي ذكرناه أولاً من الخوف على أنفسهم وأهليهم .
ومنها أيضاً :
ان كتب الشيعة قد غزت العراق كجراد منتشر وأتت منها أصناف وأنواع كثيرة ومتعددة و قد نفعني الله تعالى بذلك ،
فقد ازداد رصيدي من الحجج فأصبحت عندي مادة قوية أدعم بها ما توصلت أليه في كتاباتي وبحوثي وتفتحت لي مجالات جديدة وأفكاراً أستفيد منها وأفيد بها .
لهذه الأسباب ارتأيت ان أتريث في مسألة النشر
حتى تزول الموانع ويخرج العمل كما ينبغي إلى سوح القراء ومحاولة مني لإيصال ما يمكن إيصاله إلى الناس دخلت في هذا المضمار الا وهو النشر على الشبكة .
ثالثاً :
بعد مدة ليست باليسيرة قضيتها في البحث وقراءة الكتب والدراسة والسؤال
عن المسائل التي تتعلق بالشيعة الإمامية وتعاملهم مع غيرهم من أهل السنة ، وكيفية طرحهم لقضاياهم وكيفية تعاملهم مع النصوص وبعد جهد ومعاناة كبيرين
وطويلين توصلت بحمد الله ومنه إلى أفكار ، واستنتاجات ، وحقائق ، وطروحات لم تطرق (على حد علمي) من قبل ، وربما كانت غائبة عن أذهان الكثيرين
والكمال لله وحده ، وقد جاءت هذه الحقائق وتلك الاستنتاجات على شكل كتب ألفتها وجمعت مادتها من مئات المراجع والمصادر الشيعية ، و منها الكتب التالية :
1- الشهادة الثالثة في الأذان .
2- فصل الخطاب في إثبات تحريف كتاب رب الأرباب عند الشيعة الإمامية الاثنى عشرية .
3- وركبت السفينة … ولكن ؟!
4- حقيقة الكتب الأربعة .
5- الإمامة والقران .
6- حقيقة اتباع الشيعة الاثنى عشرية لاهل البيت .
7- زواج المتعة والجنس .
وغيرها من البحوث والدراسات والردود .
وكل كتاب من هذه الكتب يحتوي على عشرات المباحث المتنوعة وكل مبحث من هذه المباحث فيه من التفريعات الكثيرة والدقيقة ،
والنكت اللطيفة مما قد لا تجده في غيرها ، وحوت هذه الكتب بحمد الله على الآف النقولات الصحيحة والموثقة عن علماء الشيعة المعتمدين في المذهب.
وأود التنويه– قبل ان اشرع في عرض المادة - إلى مسألة مهمة لي فيها كل العذر وعليكم التفضل بالقبول
وهي اني لن انشر الكتاب أمامكم كاملاً ولكني سأنتقي بحوثاً متفرقة من كل كتاب أجعلها بين أيديكم فيها كل الغنية والفائدة لكم من حيث انها مستقلة الموضوع
، وموحدة السبب والنتيجة ، وعذري في ذلك اني أريد ان أحافظ على الكتاب لئلا يتلاعب به البعض وتدفعهم دوافع معينة إلى محاولة إخراجه ربما بصورة
مشوهة تسيء إلى المادة الموجودة فيه وهذا ليس في مصلحة الكتاب نفسه ، إذ إنني أشرت إلى ان هناك كتباً جديدة أحاول الإفادة منها فمن يحاول إخراج الكتاب
قبل رسم الصورة النهائية له فانه يجعل للخصم مطعناً فيه وهذا ما لا نريده لذلك فالمحافظة على الكتاب وصيانته من أيدي المتلاعبين به من ألأمانة العلمية.
هذا وما سوف أقدمه لكم هنا بإذن الله هو باكورة أعمالي انطلق منه إلى أبحاث وكتب أخرى مبتدئاً في ذلك بمقتطفات من كتابي : الشهادة الثالثة في الأذان .
ملاحظة :
قد يجد القارئ أخطاء طباعية أو لغوية أرجو ان يعذرني فيها لان الكتابة والطباعة تجري على عجل ، وليس لدي وقت للمراجعة والتصحيح ، ولعدم وجود كادر
متخصص يقوم بهذه الأعمال ، فالعمل كله فردي أحادي ، فالذي يطبع هو نفس الكاتب ، وهو نفس الباحث ، وهو نفس المصحح ولا يكلف الله نفساً الا وسعها .
اما بخصوص ما قد يردني من ردود من قبل القراء ، من الشيعة كانوا أم من
أهل السنة فإني أعلن بأني غير مستعد للرد على كل من يدلي بدلوه مناقشاً أو مداخلاً أو مضيفاً إذ لكل مقام مقال كما هو معلوم ومقامنا هو مقام طرح وعرض
وبيان وإفهام لا مقال نقاش وجدال وأخذ ورد ، ولكن أن رأيت في بعض المداخلات والإضافات ما يخدم البحث و ينفع الناس أخذت به واعداً بإدراجه في كتابي
تحقيقاً للفائدة وإتماماً للمادة العلمية وان وجدت بعض الردود تستحق البيان والتوضيح والرد رددت عليها في الكتاب نفسه والله الموفق وهو الهادي لسواء السبيل .
بسم الله الرحمن الرحيم
اسم الكتاب : الشهادة الثالثة في الأذان .
وفيه مباحث :
1- إثبات عدم وجود عبارة اشهد ان علياً ولي الله في الأذان عند أئمة أهل البيت عليهم السلام .
2- رفع الشبهة عن عمر رضي الله عنه بإضافته الصلاة خير من النوم إلى الأذان .
3- رفع الشبهة عن عمر رضي الله عنه بحذفه عبارة حي على خير العمل من الأذان .
الوقفة الأولى
ان الأمر الخطير والمهم – ياأيها الشيعي - في بحثنا هذا هو إنك سوف تتطلع على أمور ربما كنت تعد صحتها وثبوتها من المسلمات التي
لا يختلف فيها اثنان ولكنك بمجرد تصفحك لهذا البحث ستجد ان كثيرا من تلك المسلمات قد بنيت على شفا جرف هار وقاعدة رخوة سرعان ما يسقط
ما بني عليها ، ومن تلك المسلمات الشهادة الثالثة في الأذان ( أشهد ان عليا ولي الله ) هذه اللفظة التي ألف سماعها الكبير ونشأ عليها الصغير .
فتعال معي بعد أن
تترك الهوى خلفك لنقوم بجولة استقرائية لمرويات أهل البيت ، وأقوال علماء الشيعة الواردة بصدد بيان ألفاظ الأذان لأقف بك عند حقيقة طالما غيبت عنك
ألا وهي ( إن لا وجود للشهادة الثالثة في الأذان الوارد عن الرسول صلى الله عليه وسلم و أهل بيته رضي الله عنهم ) وإليك بعض تلك الروايات .
روايات الأئمة لا تذكر الشهادة الثالثة
الرواية الأولى:
الحسين بن سعيد عن النضر بن سويد عن عبد الله بن سنان قال : سألت أبا عبد الله ? عن الأذان فقال : تقول الله أكبر
، الله أكبر ، أشهد أن لا إله إلا الله ، أشهد أن لا إله الله
، أشهد أن محمداً رسول الله صلى الله عليه وآله ،
وأشهد أن محمداً رسول الله صلى الله عليه وآله ، حي على الصلاة ،
حي على الصلاة ، حي على الفلاح ، حي على الفلاح
، حي على خير العمل ، حي على خير العمل
، الله أكبر ، الله أكبر ، لا إله إلا الله ، لا إله إلا الله ( ).
الرواية الثانية :
محمد بن علي بن محبوب عن علي بن السندي عن ابن أبي عمير عن عمر بن أذينة عن زرارة والفضيل بن يسار عن أبي جعفر?
قال : لما أسري برسول الله صلى الله عليه وآله وصف الملائكة
والنبيون خلف
رسول الله صلى
الله عليه وآله قال :
فقلنا له كيف إذن ، فقال الله أكبر ، الله أكبر ، أشهد أن لا إله إلا الله ، أشهد أن لا إله إلا الله ، أشهد أن محمداً رسول الله صلى الله عليه وآله
، أشهد أن محمداً رسول الله صلى الله عليه وآله ، حي علي الصلاة ، حي الصلاة ، حي على الفلاح ، حي على الفلاح ، حي على خير العمل
، حي على خير العمل ، الله أكبر ، الله أكبر ، لا إله إلا الله ، لا إله إلا الله ، والإقامة مثلها إلا أن فيها قد قامت الصلاة بين حي على خير العمل ،
حي على خير العمل وبين الله أكبر ، الله أكبر فأمر بها رسول الله صلى الله عليه وآله بلالاً فلم يزل يؤذن بها حتى قبض رسول الله صلى الله عليه وآله( ).
الرواية الثالثة :
عن أحمد بن محمد عن الحسين عن فضالة عن سيف بن عميرة عن أبي بكر الحضرمي عن أبي عبد الله ? وكليب الأسدي عن أبي عبد الله ?
أنه حكى لهما ( الأذان والإقامة ) فقال : الله أكبر ، الله أكبر، الله أكبر ، الله أكبر ، أشهد أن لا إله إلا الله
، أشهد أن لا إله إلا الله ، أشهد أن محمداً رسول الله صلى الله عليه وآله ، أشهد أن محمداً رسول الله صلى الله عليه وآله ، حي على الصلاة
، حي على الصلاة ، حي على الفلاح ، حي على الفلاح ، حي على خير العمل ، حي على خير العمل ، الله أكبر، الله أكبر ، لا إله إلا الله ، والإقامة كذلك( ).
الرواية الرابعة :
الحسين بن سعيد عن فضالة عن حماد بن عثمان عن إسحاق بن عمار عن المعلى ابن خنيس قال: سمعت أبا عبد الله ?
يؤذن فقال : الله أكبر ، الله أكبر ، الله أكبر ، الله أكبر ، أشهد أن لا إله إلا الله ، أشهد أن لا إله إلا الله ، أشهد أن
محمداً رسول الله صلى الله عليه وآله ، أشهد أن محمداً رسول الله صلى الله عليه وآله ، حي على الصلاة ، حي على الصلاة ، حي على الفلاح حي على الفلاح
، حي على خير العمل ، حي على خير العمل ( حتى فرغ من الأذان وقال في آخره ) الله أكبر ، الله أكبر ، لا إله إلا الله( ) .
الرواية الخامسة :
عن النضر، عن عبد الله بن سنان قال : سألت أبا عبد الله ? عن الأذان فقال :
تقول الله أكبر ، الله أكبر ، أشهد أن لا إله إلا الله ، أشهد أن لا إله إلا الله ، أشهد أن محمداً رسول الله ، أشهد أن محمداً رسول الله ، حي على الصلاة ،
حي على الصلاة ، حي على الفلاح ، حي على الفلاح ، حي على خير العمل ، حي على خير العمل ، الله أكبر ، الله أكبر، لا إله إلا الله ، لا إله إلا الله.( )
الرواية السادسة :
عن فضالة عن حماد بن عثمان عن إسحاق بن عمار عن المعلى بن خنيس قال : سمعت أبا عبد الله ? يؤذن فقال : الله أكبر ، الله أكبر ، الله أكبر ،
الله أكبر ، أشهد أن لا إله إلا الله ،
أشهد أن لا إله إلا الله ،
أشهد أن محمداً رسول الله
، أشهد أن محمداً رسول الله
، حي على الصلاة ،
حي على الصلاة ، حي على الفلاح ،
حي على الفلاح ، حي على خير العمل
، حي على خير العمل ، الله أكبر
، الله أكبر ، لا إله إلا الله ، لا إله إلا الله .
وبالإسناد مثله إلا أنه ترك حي على خير العمل وقال مكانه حتى فرغ من الأذان وقال في آخره الله أكبر ، الله أكبر ، لا إله إلا الله ، لا إله إلا الله( ) .
الرواية السابعة :
محمد بن علي بن الحسين بإسناده عن حفص بن البختري عن أبي عبد الله ? قال : لما أسري برسول الله ?
وحضرت الصلاة فأذَّن جبريل عليه السلام فلما قال : الله أكبر ، الله أكبر قالت الملائكة : الله أكبر ، الله أكبر ، فلما قال أشهد أن لا إله إلا الله ، قالت الملائكة :
خلع الأنداد ، فلما قال :
أشهد أن محمداً رسول الله قالت الملائكة :
نبي بعث ، فلما قال :
حي على الصلاة ، قالت الملائكة :
حث على عبادة ربه ، فلما قال :
حي على الفلاح ،
قالت الملائكة :
أفلح من اتبعه.
ورواه في ( معاني الأخبار ) عن أبيه ، عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه عن محمد بن أبي عمير ، عن حفص بن البختري مثله. ( )
الرواية الثامنة :
ما ورد في فقه الرضا عنه ? قال :
اعلم رحمك الله أن الأذان ثمانية عشر كلمة ، والإقامة سبعة عشر كلمة قال : والأذان أن يقول الله أكبر ، الله أكبر ، الله أكبر ، الله أكبر ،
أشهد أن لا إله إلا الله ، أشهد أن لا إله إلا الله ،أشهد أن محمداً رسول الله ، أشهد أن محمداً رسول الله ، حي على الصلاة ، حي على الصلاة
، حي على الفلاح ، حي على الفلاح ، حي على خير العمل ، حي على خير العمل ، الله أكبر، الله أكبر ، لا إله إلا الله ، لا إله إلا الله مرتين
في آخر الأذان وفي آخر الإقامة مرة واحدة إلى أن قال والإقامة أن تقول الله أكبر ، الله أكبر ، أشهد أن لا إله إلا الله ، أشهد أن لا إله إلا الله ،
أشهد أن محمداً رسول الله ، أشهد أن محمدا رسول الله ، حي على الصلاة ، حي على الصلاة ، حي على الفلاح ، حي على الفلاح ،
حي على خير العمل ، حي على خير العمل ، قد قامت الصلاة قد قامت الصلاة الله أكبر ، الله أكبر ، لا إله إلا الله مرة واحدة ( ) .
الرواية التاسعة :
عن الفضل بن شاذان ذكره من العلل عن الرضا ? انه قال :
إنما أمر الناس بالأذان لعلل كثيرة ، منها أن يكون تذكيراً للساهي ، وتنبيهاً للغافل ، وتعريفاً لمن جهل الوقت واشتغل عنه ،
ويؤذن المؤذن بذلك داعياً إلى عبادة الخالق ، ومرغباً فيها ، مقر اله بالتوحيد ، مجاهراً بالإيمان ، معلنا بالإسلام ، مؤذنا لمن ينساها ، وإنما يقال له
: مؤذن لأنه يؤذن بالأذان بالصلاة ، وإنما بدأ فيه التكبير وختم بالتهليل لأن الله عز وجل أراد أن يكون الابتداء بذكره واسمه ،
واسم الله في التكبير في أول الحرف وفي التهليل في آخره وإنما جعل مثنى مثنى ليكون تكراراً في أذان المستمعين مؤكداً عليهم إن
سها أحد عن الأول لم يسه الثاني ، ولأن الصلاة ركعتان ركعتان فلذلك جعل الأذان مثنى مثنى ، وجعل التكبير في أول الأذان أربعاً لأن
أول الأذان إنما يبدو غفلة ، وليس قبله كلام ينبه المستمع له ، فجعل الأول تنبيهاً لما بعده في الأذان ، وجعل بعد التكبير الشهادتان ، لأن
أول الأيمان هو التوحيد والإقرار بالوحدانية ، والثاني الإقرار للرسول بالرسالة وان طاعتهما ومعرفتهما مقرونتان ، ولأن أصل الإيمان
إنما هو الشهادتان ، فجعل شهادتين شهادتين ، كما جعل في سائر الحقوق شاهدان فإذا أقر العبد لله عز وجل بالوحدانية ، وأقر للرسول?
بالرسالة فقد أقر بجملة الإيمان
لأن أصل الإيمان إنما هو الإقرار بالله وبرسوله ، وإنما جعل بعد الشهادتين الدعاء إلى الصلاة لأن الأذان إنما وضع لموضع
الصلاة ، وإنما هو نداء إلى الصلاة في وسط الأذان ، ودعاء إلى الفلاح وإلى خير العمل ، وجعل ختم الكلام باسمه كما فتح باسمه(2) .
الرواية العاشرة:
ورواه في ( العلل وفي عيون الأخبار ) بأسانيد تأتي إلا أنه قال :
وإنما هو نداء إلى الصلاة فجعل النداء إلى الصلاة في وسط الأذان فقدم المؤذن قبلها أربعاً التكبيرتين والشهادتين ، وأخر بعدها أربعاً يدعوا
إلى الفلاح ، أربعاً حثاً على البر والصلاة ، ثم دعا إلى خير العمل مرغبا فيها وفي عملها وفي أدائها ، ثم نادى بالتكبير والتهليل ليتم بعدها أربعاً
كما أتم قبلها أربعاً ، وليختم كلامه بذكر الله تعالى كما فتحه بذكر الله تعالى ، وإنما جعل آخرها التهليل ولم يجعل آخرها التكبير كما جعل في
أولها التكبير لأن التهليل اسم الله في آخره فأحب الله تعالى أن يختم الكلام باسمه كما فتحه باسمه ، وإنما لم يجعل بدل التهليل التسبيح أو التحميد
واسم الله في آخرهما لأن التهليل هو إقرار لله تعالى بالتوحيد وخلع الأنداد من دون الله وهو أول الإيمان وأعظم من التسبيح والتحميد(1) .
الرواية الحادية عشرة:
وفي ( معاني الأخبار وكتاب التوحيد ) عن أحمد بن محمد الحاكم المقري عن محمد بن جعفر الجرحاني ، عن
محمد بن الحسن الموصلين ، عن محمد بن عاصم الطريفي ، عن عياش بن زيد ، عن أبيه يزيد بن الحسن ، عن موسى بن جعفر ، عن آبائه عن علي
? في حديث تفسير الأذان أنه قال فيه : الله أكبر ، الله أكبر ،
أكبر ، الله أكبر ، أشهد أن لا إله إلا الله ، أشهد أن لا إله إلا الله ، أشهد أن محمداً رسول الله ، أشهد أن محمداً رسول الله ، حي على الصلاة ،
حي على الصلاة ، حي على الفلاح ، حي على الفلاح ، الله اكبر ، الله أكبر ، لا إله إلا الله ، لا إله إلا الله ، وقد ذكر في الإقامة : قد قامت الصلاة .
قال الصدوق ، إنما ترك الراوي حي على خير العمل للتقية(2) .
وقد جمع الحر العاملي في وسائله في باب كيفية الأذان والأقامه وعدد فصولهما ،
ما ورد عن الأئمة من أحاديث في كتب الشيعة المختلفة فبلغت (25) حديثاً تخلو جميعها من ذكر الشهادة الثالثة ( اشهد أن علياً ولي الله ).
فهذه أذن هي الروايات التي وردت عن الأئمة من
كتب الشيعة المعتمدة فهل تجد فيها ذكراً للشهادة الثالثة وأنا أدعوك أيها القارئ الكريم لتعيد النظر فيها كرَّة بعد أخرى فإنك لن تجد في كل كتب الشيعة
حديثاً واحداً - وإن كان هذا الحديث موضوعاً أو مكذوباً - فيه ذكر للشهادة الثالثة ، فالرجاء من كل شيعي يرى غير رأينا ويعتقد بخلاف ما
ذهبنا أليه أن يدلنا على حديث واحد فقط فيه ذكر للشهادة الثالثة ، واني على يقين انه لو قام بالبحث والتنقيب فانه لن يجد ذلك حتى في أضعف كتبهم .
وسنعزز صحة هذه الحقيقة الخطيرة بأقوال علماء الشيعة التي اتفقت مع روايات الأئمة على خلو الأذان من الشهادة الثالثة .
إجماع فقهاء الإمامية على أن الشهادة الثالثة ليست جزءاً من الأذان والإقامة
قبل أن نورد أقوال العلماء في عدم ورود الشهادة الثالثة في الأذان احب هنا أن أذكر كلمة لمحمد مهدي
الخالصي أجعلها كالمقدمة لهذا المبحث لا سيما انها تحتوي على ضوابط تحدد مفهومي السنة والبدعة وأثر البدعة السيء في الدين فأقول :
قال محمد مهدي الخالصي في كتابه الاعتصام بحبل الله :
إن كل شيء لم يسنه الرسول ? من العبادات فإحداثه بعده بدعة ، ففي حديث عن أمير المؤمنين علي ? :
أنه جاءه رجلً وسأله عن السنة والبدعة والجماعة والفرقة فقال?:
السنة ما سنَّه رسول الله والبدعة ما أحدث بعده ، والجماعة أهل الحق وإن كانوا قليلاً والفرقة أهل الباطل وإن كانوا كثيراً .
وعليه فالبدعة ما كان على خلاف سنة الرسول بأي نحواً من أنحاء المخالفة وكلها محرمة.
وفي حديث عن النبي ? قال :
كل بدعة ضلالة وكل ضلالة سبيلها إلى النار(1) .
ولو تتبعنا كل ما حُكم بكونه بدعة سنجده على خلاف السنة وأن أي تغيير في العبادة بما جاء به الرسول الأعظم ? يعد بدعة وحراماً.
ففي الأذان مثلا إذا قدمت الشهادة في التوحيد على التكبير أو زيد التكبير أو نقص منه كان بدعة ولا يستلزم عدم التغيير إنكار ما غير فتقديم ( أشهد أن لا إله إلا الله )
على قول ( الله أكبر ) حرام وأن قول ( أشهد أن لا إله إلا الله ) ثلاث مرات مع أنه حرام لا يلزم منه إنكار التوحيد .
ومن ذلك حرمة قول ( أشهد أن علياً ولي الله ) في الأذان فهو حرام لعدم وروده عن الرسول ? ولا أحد من أهل بيته ? .
وهو كما لو أضاف المؤذن أثناء الأذان سبحان الله ، أو لا حول ولا قوة ألا بالله مع شرعيتها خارج الأذان .
ولا يلزم من ذلك إنكار ولاية علي ? لأن ما لا يذكر في الأذان من وجوب الصلاة ، والصوم ، والإقرار بالميعاد
، وغير ذلك لا يستلزم إنكار الصلاة والصوم والميعاد ، بل الأذان محدود بحدود حددها الرسول ? كما جاء به الوحي
من رب العالمين ، ولا يجوز تعدي
تلك الحدود حتى ولو كانت بكلمة حق ،
لأن الفرائض والسنن جاءت محدودة
عن الله تعالى وقام رسوله الكريم ? بتنفيذها وتطبيقها وأمر أمته أن يعملوا بها ويسيروا على هداها ، ويسمعوا ويطيعوا.
فليس لأحد من علماء الدين وبقية المسلمين أن يزيدوا أو ينقصوا شيئاً
من هذه الفرائض والأحكام ، لأنهم جميعهم مكلفون بالتنفيذ والتطبيق وأن التشريع من الله تعالى ، وعلى الرسول التبليغ فالأحكام التي بلغ النبي
? بها أمته هي أحكام إلهية جاءت نصوصها في القرآن الكريم والسنة النبوية ولا يمكن تفسيرها أو تأويلها حسب الأهواء والرغبات .
ولا يجوز تحويرها وتحريفها في سبيل العنعنات والنزعات .
وليست هي قصائد شعرية ليجري عليها التشطير والتخميس .
وليست أحكام الإسلام وعلومه وفرائضه كالمستحضرات الطبية يضيف الطبيب اللاحق على ما استحضره الطبيب السابق .
أو يرفع قسماً منها لغرض التقوية أو التخفيف من مفعولها .
أو إصلاح تلك المستحضرات حسبما يرتئيه هو .
ولا كالمخترعات الصناعية فيأتي المهندس اللاحق فيضيف إلى ما اخترعه المهندس السابق ويزيد وينقص حتى يوصل المخترع إلى درجة الكمال .
بل ان أحكام الشريعة الإسلامية
جاءت محدودة بحدود لا يمكن أن يتعداها أحد ، وأقيمت على قواعد لا يجوز تحويل قاعدة منها ولا إضافة قاعدة إليها ، ولنضرب على ذلك مثلا:
فالأذان ، جاءت صيغته بعبارات محدودة معينة ، كبقية الأعمال والأحكام في العبادة ، فما زيد أو نقص منه كان بدعة وتشريعاً في الدين .
فالتشريع لا يجوز لغير النبي ? ، والنبي ? لا يأتي بتشريع إلا بوحي من رب العالمين كما قال الله تعالى : ?إن هو إلا وحي يوحى ? (النجم /4)
ثم إن النبي ? لم يعين من بعده مشرعاً ، بل قال لا نبي بعدي .
حلال محمد حلال إلى يوم القيامة ، وحرام محمد حرام إلى يوم القيامة لأنه جاء بشريعة هي خاتمة الشرائع .
وكمل الله له الدين وأتم عليه نعمته فقال تعالى :
? الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْأِسْلامَ دِيناً? (المائدة/3)
فالزيادة والنقصان في الأذان وغيره يعدان تشريعاً ، وما لم يشرع فهو بدعة. انتهى كلامه(1).
وقد أجمع فقهاء الشيعة الإمامية ، على أن كل زيادة أو نقصان فيهما ( أمر مبتدع )
يؤدي إلى بطلانهما ويأثم من اعتقد جزئية تلك الزيادة واعتبرها فصلا فيهما وأجمع الفقهاء على أن الشهادة الثالثة ليست جزءاً من الأذان والإقامة .
وهنا أهيب بالقارئ الكريم ان يراجع الكتب الفقهية سواء الاستدلالية منها أو الرسائل العملية ، فانك تجد أن كل من ذكر فصول ا
لأذان والإقامة لم يذكر فيهما الشهادة الثالثة وتجده قد صرح بعدم جزئيتهما فيهما وهذه جملة من الكتب القديمة والحديثة كمثال على هذه الحقيقة
أقوال فقهاء الأمامية
1 -شيخ الطائفة الطوسي :
قال : فأما ما روي من شواذ الأخبار من قول أن علياً ولي الله وآل محمد خير البرية فمما لا يجوز عليه في الأذان والإقامة فمن عمل به كان مخطئاً ( ) .
2 -الشهيدان الأول والثاني :
جاء في اللمعة الدمشقية وشرحها للشهيدين الأول والثاني - الأول [ محمد بن جمال الدين مكي العاملي ]
الثاني [ زين الدين العاملي ] وهما من كبار علماء الشيعة الأمامية في جبل عامل جنوب لبنان في القرنين السابع والعاشر الهجريين.
قول الشهيد الأول بعد ان ذكر فصول الأذان والإقامة من غير تعرض للشهادة الثالثة فقال :
ولا يجوز اعتقاد شرعية غير هذه الفصول في الأذان والإقامة ، كالشهادة بالولاية لعلي ? وأن محمداً وآله خير البرية أو خير البشر وإن كان الواقع كذلك فما كل واقع حقا يجوز إ
دخاله في العبادات الموظفة شرعا المحدودة من الله
تعالى فيكون إدخال ذلك فيها بدعة وتشريعا ، كما لو
زاد في الصلاة ركعة أو تشهداً ونحو ذلك من العبادات
وبالجملة فذلك من أحكام الأيمان لا من فصول الأذان ,
ويقول الشهيد الأول :
قال الصدوق ان ذلك من وضع المفوضة وهم طائفة من الغلاة ( ) .
3-المقدس الأردبيلي :
قال الاردبيلي ناقلاً كلام الصدوق :
وقال مصنف هذا الكتاب (رض) هذا هو الأذان الصحيح
لا يزاد ولا ينقص منه ، والمفوضة لعنهم الله قد وضعوا أخباراً وزادوا في الأذان محمد وآل محمد خير البرية مرتين ، وفي بعض رواياتهم بعد
أشهد أن محمدا رسول الله وأشهد أن علياً أمير المؤمنين حقاً مرتين ، ولا شك في أن عليا ولي الله وأنه أمير المؤمنين حقاً ، وأن محمداً وآله
صلوات الله عليهم خير البرية ، ولكن ليس ذلك في أصل الأذان وإنما ذكرت ليعرف بهذه الزيادة المتهمون بالتفويض والمدلسون أنفسهم في جملتنا .
ثم علق المقدس الأردبيلي على ذلك قائلاً :
فينبغي اتباعه لأنه الحق ولهذا يشنع على الثاني* بالتغيير في الأذان الذي كان في زمانه صلى الله عليه وسلم ، فلا ينبغي ارتكاب مثله مع التشنيع عليه ( ) .
4-محمد محسن الفيض الكاشاني :
وهو صاحب كتاب الوافي الذي يعتبر من الكتب المعتمدة عند الشيعة الأمامية ، وصاحب تفسير الصافي قال :
في مفاتيح الشرائع في تعداد ما يكره في الأذان والإقامة وكذا
غير ذلك من الكلام ( يقصد أن علياً ولي الله ) وان كان حقا بل كان من أحكام الإيمان لأن ذلك مخالف للسنة فإن اعتقد شرعا فهو حرام( ) .
5-الشهيد الثاني :
فقد ذكر في كتابه مسالك الإفهام ، الذي هو شرح لكتاب شرائع الإسلام للمحقق الحلي ، بعد أن ذكر فضول
الأذان والإقامة ولم يتعرض للشهادة الثالثة قال في جملة أحكامها معلقاً على حكم المحقق بكراهية قول التثويب في الأذان قال - أي الشهيد - :
بل الأصح التحريم لأن الأذان والإقامة سنتان متلقيات من الشرع كسائر العبادات والزيادة فيهما تشريع محرم كما
يحرم زيادة ( محمد وآله خير البرية ) وإن كانوا عليهم السلام خير البرية ومنه يفهم حكم الشهادة الثالثة فإنها محرمة لأنها لم ترد في السنة ( ) .
6-الشيخ محمد جواد مغنية :
قال في كتابه فقه الإمام الصادق عرض استدلال :
ثبت بالإجماع أن الإمام الصادق كان يؤذن هكذا 000 الله أكبر ، الله أكبر … أشهد أن لا إله إلا الله …
أشهد أن محمداً رسول الله … حي على الصلاة … حي على الفلاح… حي على خير العمل… الله أكبر ، الله أكبر ، لا إله إلا الله .
ثم ذكر الأذان دون ذكر الشهادة الثالثة .
إلى أن قال :
واتفقوا جميعاً - أي علماء الأمامية -
أن قول أشهد أن علياً ولي الله ليس من فصول الأذان وأجزائه ، وأن من أتى به بنية أنه من الأذان فقد أبدع في الدين وأدخل ما هو خارج عنه ( ).
وقال أيضاً:
ومن أحب أن يطلع على أقوال كبار العلماء وإنكارهم ذلك فعليه بالجزء الرابع من مستمسك الحكيم ( فصل الأذان والإقامة ) فإنه نقل منها طرفاً غير يسير .
ثم بعد ذلك نقل كلام الشهيدين في اللمعة الدمشقية وإنكارهم للشهادة الثالثة.
7-السيد البروجردي :
قال في كتابه المسائل الفقهية بعد أن عدد فصول الأذان من غير ذكر للشهادة الثالثة قال ما نصه:
والشهادة بالولاية لعلي ? ليست جزءاً من الأذان ، ولكن لا بأس بالإتيان بها بقصد الرجحان في نفسها أو بعد الشهادة بالرسالة كأمر
مستقل عن الأذان ، ويحرم الإتيان بها بقصد الجزئية من الأذان ، وكذا يحرم الأذان كله ويبطل لو قصد منها
ومن باقي أجزاء الأذان أن الكل أذان أي قصد المجموع بما هو سواء كان القصد من أول الأذان أو في أثنائه ( ) .
8-محمد حسين فضل الله :
يقول عن الشهادة الثالثة في الأذان :
إن الفقهاء أجمعوا على أنها ليست جزءاً من الأذان والإقامة ، واعتقاد
جزئيتها تشريع محرم ، وقد ذهب بعضهم إلى استحبابها في الأذان والإقامة ولكن لم يثبت عندي استحبابها غير أن قولها فيهما لا يوجب بطلانهما .
وإن كان الأحوط تركها في الإقامة لاحتمال كون الإقامة جزء
اً من الصلاة مما يفرض أن يكون فيها كلام خارج عن الصلاة ، كما أنني لا أجد مصلحة شرعية في إدخال أي عنصر جديد في الصلاة في
مقدماتها وأفعالها ، لأن ذلك قد يؤدي إلى مفاسد كثيرة ونحن نتفق مع الشهيد الثاني في قوله في معرض الرفض لإدخال الشهادة بالولاية لعلي?
في الأذان ، ( إن الشهادة لعلي بالولاية من حقائق الإيمان لا من فصول الأذان ) ( )
انتهى قول محمد حسين فضل الله .
9-الشيخ محمد مهدي الخالصي :
نقل الشيخ همام الدباغ في كتابه الإمام المجاهد محمد مهدي الخالصي في الشهادة الثالثة بـأنه :
كان يرى أن البدعة تبقى والاثم يقع سواء نوى صاحب الزيادة الجزئية أم لم ينو ، وأن النية هنا لا تغير من الموضوع شيئا ، كمن يصلي نافلة الصبح ثلاثة ركعات مع
النية بأن الركعة الثالثة ليست جزءاً من تلك الصلاة ، علماً بأن الصلاة والإقامة عبادة والعبادات في الإسلام توقيفية لا يجوز تعديها بزيادة أو نقصان .
لهذا كان يتوقف وينهى عن إضافة أي فصل أو ذكر
أي جزء لم يرد به النص وأنه لا فرق في كون هذه الزيادة من الأمور الإعتقادية كالشهادة بالولاية لعلي أو غيرها لأن الأذان حكم شرعي لذاته .
ولقد اشتبه على بعض العوام ، أو شبه عليهم ،
بأن عدم ذكر شيء في الأذان يعني إنكاره أو رفض الاعتقاد به وإلا فإن كل مسلم يعتقد بالمعاد ، والحساب ، والعقاب ، والثواب ، والجنة ،
والنار
، وغيرها من العقائد فعدم ذكرها في الأذان والإقامة لا يعني أبداً إنكارها أو عدم الاعتقاد بها ، وكذلك كل مؤمن يعتقد بولاية الإمام علي
? ويشهد له بذلك وعدم الإتيان بتلك الشهادة فيهما لا يعني إنكار
الولاية لعلي والواجب اتباع النص ولما لم يرد على الإتيان بهذه الشهادة نص في الأذان فلا يجوز الإتيان بها وإن كانت حقاً وعقيدة.( )
10- الشيخ جعفر آل كاشف الغطاء :
نقل الشيخ محمد مهدي الخالصي قول الشيخ جعفر آل كاشف الغطاء في كتابه كشف
الغطاء وهو من أكابر العلماء واليه تنتمي الأسرة الحاضرة المعروفة بآل كاشف الغطاء ، حيث قال في كتابه عند ذكر الأذان ما نصه :
وليس من الأذان قول أشهد أن علياً ولي الله أو أن محمداً وآله خير البرية مرتين مرتين وأن علياً أمير المؤمنين حقا لأنه من وضع المفوضة لعنهم الله على ما قاله الصدوق :
إنما روي منه أن علياً ولي الله وأن محمداً وآله خير البشر أو البرية من شواذ الأخبار لا يعمل عليه .
وما في المبسوط من أن قول أشهد أن علياً أمير المؤمنين وآل محمد خير البرية من الشاذ لا يعول عليه .
وما في المنتهى ما روي من أن قول أن علياً ولي الله وآل محمد خير البرية من الأذان من الشاذ لا يعول عليه.
ثم أن خروجه من الأذان من المقطوع به بإجماع الأمامية من غير
نكير حتى لم يذكره ذاكر بكتاب ولا قال به أحد من قدماء الأصحاب ولأنه وضع لشعائر الإسلام دون الإيمان ولذا ترك فيه ذكر باقي الأئمة ?.
ولان أمير المؤمنين ? حين نزوله كان رعية للنبي فلا يذكر على المنابر ، ولأن ثبوت الوجوب للصلاة المأمور بها موقوف
على التوحيد والنبوة فقط على انه لو كان ظاهرا في مبدأ الإسلام لكان في مبدأ النبوة من الفترة ما كان في الختام.
ومن حاول جعله من شعائر الإيمان ، فما لزم به ذلك يلزم ذكر الأئمة عليهم السلام وقد أمر النبي ? مكرراً من الله في نصبه للخلافة والنبي يستغفر حذراً من المنافقين حتى
جاء التشديد من رب
العالمين ، ولأنه لو كان من فصول ا
لأذان لنقل بالتواتر في هذا الزمان
ولم يخف على أحد من آحاد نوع الإنسان
وإنما هو من وضع المفوضة الكفار
المستوجبين الخلود في النار .
ولعل المفوضة أرادوا أن الله تعالى فوض الخلق إلى علي فساعده
على الخلق فكان ولياً ومعيناً فمن أتى بذلك قاصداً به التأدين فقد شرع في الدين ، ومن قصده جزءاً من الأذان في الابتداء بطل أذانه بتمامه.
لكن صفة الولاية ليس لها مزيد شرفية لكثرة معانيها ، فلا امتياز لها آلام قرينة إرادة معنى التصرف والتسلط فيها كالاقتران مع الله ورسوله في الآية الكريمة ونحوه ، لأن جميع ا
لمؤمنين أولياء الله ، فلو بدل بالخليفة بلا فصل ، أو بقول أمير المؤمنين ، أو بقول حجة الله تعالى ، أو بقول أفضل الخلق بعد رسول الله
? ونحوها كان أولى وأبعد عن توهم العوام أنه من فصول الأذان.
ثم قوله أن علياً ولي الله مع ترك لفظ أشهد أبعد عن الشبهة ، ولو قيل بعد ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى الله
على محمد سيد المرسلين وخليفته بلا فصل علي ولي الله أمير المؤمنين لكان بعيداً عن الإيهام وأجمع لصفات التعظيم والاحترام (1) .
11-كاظم اليزدي الطبطبائي :
قال في العروة الوثقى ما نصه :
وأما الشهادة لعلي بالولاية وامرة المؤمنين فليست جزءا منهما-أي من الأذان والإقامة
- ولم يتعرض لاستحباب إكمال الشهادتين بالشههادة الثالثة ولم يذكر الشهادة الثالثة في الأذان(2).
وقد أمضى فتوى العروة الوثقى كل من :
1-السيد أبو الحسن الأصفهاني .
2-السيد ضياء الدين العراقي .
3 -السيد الأغا حسين البروجردي .
4-السيد الأراكي .
5-السيد الخوئي .
6-السيد الكلبايكياني .
12-هناك عدد كبير من المراجع والعلماء الكبار يحتاطون في الإقامة لشبهة
أنها جزء من الصلاة كما أن سيرة العلماء الذين جاءوا بعد الغيبة إلى عهود متأخره على عدم الإتيان وهذه بعض الرسائل العملية
التي ذكرت الأذان والإقامة ولم تذكر الشهادة الثالثة جزءا منهما ، أو ذكر استحبابها كأمر مستقل خارج عنهما ومثال على ذلك.
1 - الشيخ محمد حسن صاحب الجواهر في كتابه نجاة العباد .
2 - محمد تقي الشيرازي في الرسالة المنطقية على فتواه .
3- الشيخ مهدي الخالصي في الشريعة السمحاء وأمضى فتواه الشيخ محمد رضا آل ياسين .
4- السيد الحيدري في رسالته .
5- السيد حسن الصدر في كتاب المسائل المهمة .
6-السيد أحمد كاشف الغطاء في سفينة النجاة .
13-الحر العاملي في كتابه وسائل الشيعة :
فقد ذكر في كتابه وسائل الشيعة - وهو من كتب الحديث المعتمدة عند الشيعة الإمامية
- (25) حديثاً عن أئمة أهل البيت عن كيفية االأذان والإقامة ولا يوجد في هذه الأحاديث أي ذكر للشهادة الثالثة ( ) .
14-العلامة الحلي :
في كتابه ( المختصر النافع ) :
يذكر الأذان والإقامة دون ذكر الشهادة الثالثة ( ) .
15 -محمد باقر الصدر :
في كتابه ( الفتاوى الواضحة باب الأذان والإقامة ) :
يذكر الأذان الصحيح دون ذكر الشهادة الثالثة ( ) .
16-العلامة ابن إدريس :
في كتابه ( السرائر ) :
ذكر الأذان والإقامة ولم يذكر الشهادة الثالثة( ) .
17-العلامة المحقق :
في كتابه ( الشرائع ) :
ذكر الأذان والإقامة ولم يذكر الشهادة الثالثة( ) .
18-العلامة الحلي :
في كتابه ( التبصر ) :
ذكر الأذان والإقامة ولم يذكر الشهادة الثالثة( ) .
19-العلامة الحلي :
في كتابه منتهى المطلب قال :
وأما ما روي في الشاذ من قوله أن عليا ولي الله وأن محمدا خير البرية فمما لا يعول عليه ، قال الشيخ في المبسوط فإن فعله لم يكن آثما وقال في النهاية كان مخطئا(2) .
20- محمد التيجاني السماوي:
قال في كتابه كل الحلول عند آل الرسول :
أن ما ينتقد عليه الشيعة اليوم هو زيادة جزء في الأذان والإقامة بقولهم :
( أشهد أن علياً ولي الله )
فهم مجمعون على أن ذلك ليس جزءاً من الأذان ولا جزءاً من الإقامة ، ولم يكن على عهد الرسول ?
، ومجمعون أيضاً على القول بأنه يبطل الأذان والإقامة إذا قيل بنية الجزئية ، هذا ما يقوله علماء الشيعة ومراجعهم .
وما دام الحق هو رائدنا وقول الله ورسوله هو قولنا ورضاهما هو هدفنا ومبتغانا ،
وما دمنا نواجه نقد بعض العلماء من إخواننا فلا بد أن نستحسن من غيرنا ما نستحسنه من أنفسنا وأن نستقبح منها ما نستقبحه من غيرنا .
وإذا كنا في ما سبق
من أبحاث انتقدنا عمر بن الخطاب واستكثرنا عليه زيادته في الأذان فصل ( الصلاة خير من النوم ) وحذفه منه فصل ( حي على خير العمل ) .
وقلنا بأن ذلك باطل ولا يصح شرعاً لأنه بدعة لم تكن موجودة على عهد رسول الله? ولم نقتنع بقول ( أهل السنة والجماعة ) بأن ذلك يذكر استحباباً في صلاة الفجر
فقط عندما يكون الإنسان في أعز نومه وألذ راحته فيقال له :
( الصلاة خير من النوم ) لحثه على القيام والإستعداد لاداء فريضة الصلاة مع العلم أنه كلام جميل يحاول تبرير المسألة والدفاع عنها .
غير أننا رفضناه لأن النصوص لا تخضع للآراء والأهواء وما تشتهيه الأنفس وقلنا :
( ما لم يفعله رسول الله فهو بدعة )
وعلى هذا نقول للشيعة أيضاً نفس الكلام ونحتج عليهم بنفس الحجة فلا يمكن أن تكون الباء عندنا حرف جر وعند غيرنا همزة وصل !.
وعلى هذا نعترف بأن جزء ( أشهد أن علياً ولي الله ) هو زائد لأنه لم يقله رسول الله? ولم يأمر به ولم يفعله الأئمة
الطاهرون من أهل البيت عليهم السلام .
ولو فعلوه أو أمروا به لوجدنا لذلك بعض المخارج والتعليلات
، ولو فعلوه أو أمروا به لما جاز لعلماء الشيعة ومراجعهم أن يبطلوا الأذان والإقامة إّذا ذكر ذلك الفصل بنية الجزئية كما تقدم ذكره .
والإنصاف والعدل يقتضي منا أن نقول كلمة الحق ، لا أن نستنكر على ( أهل السنة ) بشيء ونأتي نحن مثله .
? أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم وأنتم تتلون الكتاب ? (البقرة / 44)
وقد قال لي قائل منهم : يأخي لا تخلط بين ( الصلاة خير من النوم ) وبين ( أشهد أن علياً ولي الله ) ! .
قلت : وما الفرق ؟ فالصلاة خير من النوم حقاً ، وعلي ولي الله حقاً ، ولمن هي أجزاء أُضيفت وما فعله رسول الله? .
قال : ولكن ولاية الإمام علي نزل بها القرآن وأنت نفسك اعترفت بذلك في كتابك الأول ( ثم اهتديت ) .
قلت : فاللوم على رسول الله? الذي لم يجعلها في الأذان رغم نزول القرآن بها ، فليس كل ما نزل به القرآن يؤذن به للصلاة !!
وليس اعترافي أنا بنزولها في القرآن يكسبها شرعية الإضافة في الأذان والإقامة ! .
فهل يصح أن يؤذن أحد بقوله مثلاً :
أشهد أن لا إله إلا الله ، وأشهد أن آدم صفوة الله ، وأشهد أن نوحاً نبي الله ، وأشهد أن إبراهيم خليل الله
، وأشهد أن موسى كليم الله ، وأشهد أن عيسى روح الله ، وأشهد أن محمداً حبيب الله ؟ فكل هذا صحيح لأنه نزل به القرآن .
ولكن لا يجوز لنا أن نؤذن به لأن رسول الله? علمنا كيفية الأذان بالشهادتين فقط فقال ،
أشهد أن لا إله إلا الله ، وأشهد أن محمداً رسول الله ، فعلينا أن نمتثل لقول الله تعالى :
? وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا? (الحشر / 7)
صحيح أن بعض العلماء من الشيعة لا يذكرون
في الأذان ولا في الإقامة بأن علياً ولي الله ، وقد صليت مع بعضهم ولم أسمعهم يذكرونه وقد يذكرون ذلك في قلوبهم فذاك أمر آخر .
ولكن هناك من الشيعة الذين يشككون في إخلاص وعقيدة من لا يذكر ذلك في الأذان والإقامة .
اقتنع خصمي والحمد لله وإن صارحني بأنه لا يقدر على تركها لأن لسانه تعود على ذلك منذ نعومة أظافره .
أقول قولي هذا وأنا على يقين من أن بعض الشيعة سوف لا يعجبهم هذا ، لأن الإنسان بطبعه عدو ما جهل ، ولأن رضى الناس غاية لا تدرك ….(1).
هذا استعراض يسير لبعض أقوال علماء الشيعة المنكرين للشهادة الثالثة في الأذان .
أقول :
هلم معي أيها القارئ نسأل علماء الشيعة عن هذه الكتب التي نقلت منها أليست هي مراجع الشيعة ؟ أ
ليس هؤلاء أعلامهم وأئمتهم ؟ أليس من واجب الباحث ان يراجع تلكم الكتب ثم ينقض ويبرم ، ويزن ويرجح ؟ فالحق أحق ان يتبع .
وظهر لنا مما تقدم من أقوال ألائمة والعلماء أن الصيغة الصحيحة للأذان خالية من ذكر الشهادة الثالثة
وهذه حقيقة خطيرة جداً حري بالشيعي أن يقف معها طويلاً ليتأملها لأنها من الدين الذي سنسأل عنه يوم القيامة وهل اتبعنا فيه الرسول ?
والأئمة أم تركنا هديهم ولسان حالنا يقول :
? إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ ? (الزخرف/ 23)
سؤال وجواب
وقبل أن نختم هذه الوقفة يجدر بنا أن نذكر سؤالاً مهماً ربما يجول في فكر القارئ بعد وقوفه على هذه الحقيقة الخطيرة وهو :
سؤال
إذا كانت صيغة الأذان
الصحيحة الواردة عن الأئمة خالية من ذكر الشهادة الثالثة كما صرح بذلك العلماء فمن هو أول من فعل هذه البدعة بإدخال الشهادة الثالثة في الأذان ؟
الجواب
الذي يجيبنا على هذا السؤال ويكشف لنا هذه الحقيقة الخطيرة
هو رئيس المحدثين عند الشيعة الأمامية الذي يلقب بالصدوق وهو ابن بابويه القمي فقد ذكر لنا رواية عن أبي عبد الله الصادق
? في كتابه ( فقيه من لا يحضره الفقيه ) – أحد الكتب الأربعة المعتمدة عند الشيعة - يذكر فيها فصول الأذان فقال :
روى أبو بكر الحضرمي وكليب الأسدي عن أبي عبد الله ? أنه حكى لهما الأذان فقال :
الله أكبر ، الله أكبر ، الله أكبر ، الله أكبر ، أشهد أن لا اله إلا الله ، أشهد أن لا اله إلا الله
، أشهد أن محمداً رسول الله ، أشهد أن محمداً رسول الله ، حي على الصلاة ، حي على الصلاة ، حي على الفلاح ،
حي على الفلاح ، حي على خير العمل ، حي على خير العمل ، الله أكبر ، الله أكبر ، لا اله إلا الله ، لا اله إلا الله ، والإقامة كذلك .
ولا بأس أن يقال في صلاة الغداة على أثر حي على خير العمل ، (( الصلاة خير من النوم )) مرتين للتقية .
وقال مصنف هذا الكتاب - الشيخ الصدوق -
(( هذا هو الأذان الصحيح لا يزاد فيه ولا ينقص منه ))
(( والمفوضة* لعنهم الله )) قد وضعوا أخباراً وزادوا في الأذان (( محمد وآل محمد خير البرية )) مرتين .
وفي بعض رواياتهم بعد أشهد أن محمد رسول الله
(( أشهد أن عليا ولي الله )) مرتين ، ومنهم من روى بدل ذلك (( أشهد أن عليا أمير المؤمنين حقا )) مرتين .
ولا شك في أن عليا ولي الله وأنه أمير المؤمنين حقاً وأن محمداً وآله صلوات الله عليهم خير البرية ،
ولكن ليس ذلك في أصل الأذان ، وإنما ذكر ذلك ليعرف بهذه الزيادة المتهمون بالتفويض ، المدلسون أنفسهم في جملتنا.(1)
فهذه هي الحقيقة الخطيرة التي كشفها لنا الصدوق في تحديد أول من فعل هذه البدعة وهم المفوضة الغلاة* .
ونظراً لتقدم الصدوق** ووثاقته عد كلامه هذا أصلاً يرجع إليه ولذلك ذكره جبله من العلماء الأعلام مثل الحر العالمي في الوسائل ،
والشيخ محمد حسن في الجواهر ، والسيد الحكيم في مستمسك العروة وأشار إليه الشهيد الثاني والشيخ جعفر كاشف الغطاء.
وهكذا ومن ثنايا هذا العرض المبسط ظهر لك – أيها القارئ -
خطورة الابتداع في الدين بإدخال ما ليس منه فيه ، فان لم يكن بعقلك باس فستسلم معي ان الأذان بصورته التي ينادى به ألان في الحسينيات
إنما هو أذان مبتدع لم يقل به السلف من الرسول وال بيته ، واذا لم تكن خسرت نفسك وبقي فيها مكان للأنصاف وشعور بحب
السلامة فعليك ان تعترف بالداء لتبحث عن الدواء ، ولا داء الا ما نزل بالعقول من الجهالة ، وران على القلوب من الضلالة .
(( اللهم إني بلغت اللهم فأشهد ))
? إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ? (ق/37)
ايها القارئ الكريم اسأل الله ان لا أكون قد أطلت عليك ، فاستودعك الله دينك وأماناتك وخواتيم أعمالك والى اللقاء مع وقفات أخر ان شاء الله .
الوقفة الثانية
ذكرنا فيما تقدم من كلام عدم شرعية الشهادة الثالثة ، وعدم جزئيتها في الأذان ودللنا على ذلك بما أوردناه من مرويات الأئمة فضلاً عن أقوال الفقهاء المجمعة
على القول بعدم شرعيتها وإنها من فعل المفوضة الغلاة الملعونين ، وسنتطرق في هذا الفصل لبعض التبريرات الواهية التي حاولت ان
تجمل ما يفعله الشيعة اليوم من إدخال ألفاظ وأقوال ومنها الشهادة الثالثة – إلى الأذان – وان تجد لذلك مخرجاً وحيلاً تسوغ لهم
هذا الفعل وسوف نقف بك أيها القارئ عند جملة من تلك التبريرات مع ما ينقضها بلسان آية من آياتهم وكفى الله المؤمنين القتال .
فقد حدد أية الله ( محمد مهدي الخالصي ) في كتابه الاعتصام بحبل الله بعضاً من تلك التبريرات وتعرض لبطلانها فقال :
1 ـ التبرير الأول / التسامح بذكرها في الأذان والإقامة :
بعد أن قام إجماع العلماء على عدم جزئية الشهادة الثالثة فيهما ، قال بعضهم أنه
لا حرج في ذكرها مع عدم قصد جزئيتها وهذا القول لمثل الشهيد الثاني في ( شرح اللمعة ص60 ) قال في هذا الكتاب ما نصهً .
ولا تجوز اعتقاد شرعية غير هذه الفصول في الأذان والإقامة والتشهد بالولاية لعلي وأن محمداً وآله
خير البرية أو خير البشر ، وإن كان الواقع كذلك فما كل واقع حقاً يجوز إدخاله في العبادات الموظفة شرعاً المحدودة من الله تعالى ، فيكون إدخال
ذلك فيها بدعة وتشريعاً كما لو زاد في الصلاة ركعة أو تشهد ونحو ذلك من العبادات وبالجملة فذلك من أحكام الإيمان لا من فصول الأذان .
قال الشهيد الثاني : قال الصدوق :
إن إدخال ذلك فيه من وضع المفوضة وهم طائفة من الغلاة ولو فعل هذه الزيادة أو أحدها بنية أنه منه أثم في اعتقاده - انتهى كلامه.
ثم يعلق الشيخ محمد مهدي الخالصي على هذا القول :
وهو وإن أفتى بأنه لا
حرج في إتيانها مع عدم اعتقاد جزئيتها وأنه لا يبطل الأذان بها ، لكن هذا لا يفيد الملتزمين بها المصرين عليها لأن التزامهم وإصرارهم دليل على أنهم اعتقدوا أن بها
خصوصية ومزية لا يقدرون على تركها ، فهل أنهم أدركوا ما لم يدركه الشارع المقدس فالتزموا بما لم يأمر به أعوذ بالله من هذا الهوى المتبع .
انتهى قول محمد مهدي الخالصي(1)
2-التبرير الثاني / القول باستحباب الشهادة الثالثة :
قال بعض المتأخرين من العلماء باستحباب إكمال الشهادتين بالشهادة لعلي بالولاية أو إمرة المؤمنين ( والشهادتان هما الشهادة لله بالوحدانية وللرسول بالرسالة )
وهذا لا علاقة له في فصول الأذان والإقامة باعترافهم فهو أمر خارج عنهما ، وقالوا ان الأذان والإقامة أحد موارد
هذا الاستحباب والذي يظهر أنهم تكلفوا هذه الفتوى وتكلفوا دليلها لما رأوا من ألتزام العوام بهذه الشهادة الثالثة في الأذان والإقامة ولم نعرف قائلاً
بهذا الاستحباب من المتقدمين ، واستدل لمن قال بهذا الاستحباب بخبر لا يقوم به حجة على المدعي وهو الخبر المروي في الاحتجاج للطبرسي .
عن الإمام الصادق ? :
إذا قال أحدكم لا إله إلا الله محمد رسول الله ? فليقل علي أمير المؤمنين .
يقول الشيخ محمد مهدي الخالصي معلقاً على هذا القول :
أولاً :
لو سلمنا هذا الاستحباب لكان اللازم الاقتصار على مورد النص وهو قول علي أمير المؤمنين في مورد قال فيه لا إله إلا الله محمد رسول الله ? .
وأين هذا من قول أشهد أن علياً ولي الله وأولاده المعصومين أولياء الله أو حجج الله ونحو ذلك من الأقوال بعد ذكر الشهادتين في الأذان والإقامة ؟ أ
نظر إلى الهوى كيف لا يقر له قرار فهو مضطرب لأنه لم يستند إلى ركن وثيق وأهله مضطربون لا قرار لهم وهذا شأن كل ذي هوى .
? بَلْ كَذَّبُوا بِالْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُمْ فَهُمْ فِي أَمْرٍ مَرِيجٍ ? (قّ:5)
ثانياً :
إن من قال بهذا الاستحباب ( إكمال الشهادتين بالشهادة لعلي ? ) ما يمنعه من أن يعمل به في تشهد الصلاة ، لأن فيه
ذكر الشهادتين فيستحب على رأيه إكمالهما بالشهادة لعلي? فيقول في تشهده ( أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد
أن محمداً عبده ورسوله ، وأشهد أن علياً ولي الله أو أمير المؤمنين ).
? أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْض ? (البقرة/85)
ثالثاً :
يكفي من قال بهذا الاستحباب أن يأتي
بالمستحب وهو قول ( علي ولي الله أو أمير المؤمنين ) مرة واحدة فلماذا يؤتى بها مرتين على منهاج فصول الأذان في التعداد
والكيفية فما الذي حملهم على ذلك ؟ نعم حملهم على ذلك اتباع الهوى والشهوات وتنفيذ الرغبات لا تنفيذ أمر الله أعوذ بالله من الزيغ .
رابعاً :
إن عملهم هذا في الأذان والإقامة على خلاف سنة الرسول صلى الله عليه
وسلم والأئمة عليهم السلام إذ لم يعهد منهم عمل ذلك فالقول باستحبابه هو جرأة عليهم وطعن بهم ولو كان مستحبا ما تركوه .
انتهى كلام محمد مهدي الخالصي(1)
أقول:
عندما نتكلم عن الإتيان بالشهادة الثالثة بقصد الجزئية المستحبة - والاستحباب حكم من الأحكام الشرعية -
لابد والحالة هذه ان يكون للمفتي دليله على الفتوى بالاستحباب ، وإلا لكانت فتواه تقولاً على الله بلا علم والله سبحانه وتعالى يقول :
?وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ ? (الحاقة:44- 46)
وقال تعالى :
? وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ ? ( الإسراء: من الآية36)
فضلا عن خصوصية الأذان وكون الأذان توقيفياً .
ففي مسألتنا مشكلتان يجب حلهما :
المشكلة الأولى:
إن المؤذن القائل بالشهادة الثالثة في الأذان بقصد الجزئية المستحبة ،
يحتاج إلى دليل قائم على الاستحباب ، وإلا ففتواه بالاستحباب أو عمله هذا يكون محرماً ، لأنها ستكون دعوى بلا دليل ، والشاعر يقول :
والدعاوى ان لم تقيموا عليها بينات فأبناؤها أدعياء
وسيكون حالها كسائر المستحبات في
غير الأذان ، فكما لو أن مفتياً أفتى باستحباب شيء بلا دليل وهذا لا يجوز فكذلك لا يجوز الاستحباب بالنطق بالشهادة الثالثة لأنها بلا دليل .
المشكلة الثانية :
في خصوص الأذان ، لأن الأذان أمر توقيفي فزيادة شيء فيه أو إنقاص
شيء منه هو تصرف في الشريعة ، وهذا الفعل بدعة ، فيلزم على القائل بالجزئية الاستحبابية أو المستحبة إقامة الدليل وإلا وصم بالابتداع
3- التبرير الثالث / إنها رمز للتشيع :
قد أدى قول بعض متأخري فقهاء الإمامية في
جواز الإتيان بالشهادة الثالثة في الأذان إلى حدوث منازعات ومهاترات كلامية بينهم وبين القائلين بعدمها ممن ساروا على نهج الفقهاء
المتقدمين الذين كانوا يرون عدم شرعية التلفظ بهذه الزيادات وعد قائليها من المفوضة الملعونين على لسان الأئمة والفقهاء المتقدمين ، ا
لأمر الذي حدا بعقلاء الفريقين إلى الجلوس على طاولة المناقشات بغية الخروج من هذا الخلاف المحتدم بين فقهاء المذهب الواحد .
ولعل ما سطره محمد مهدي الخالصي في كتابه ( الاعتصام بحبل الله ) من ردود ومناقشات جرت بينه وبين السيد
محسن الحكيم ما يعكس صورة جلية واضحة لما أشرنا إليه من خلاف ، وتمزق ، وتشرذم ، بين فقهاء الإمامية في هذه المسألة ، فساق
الخالصي في كتابه المذكور أنفاً سؤالين وردا إلى الحكيم حول الشهادة الثالثة ومدى شرعيتها وقد أجاب عنهما الأخير جواباً لم يشف
غليل الخالصي ولم يرو ظمأه فكر عليهما مذيلاً إياهما بالردود الناقضة لهما واليك نص السؤالين كما أوردهما الخالصي مع الرد .
الفتوى الأولى
سؤال
سماحة حجة الإسلام والمسلمين الإمام السيد محسن الحكيم حفظه الله ، ما يقول سماحة مولانا أدام الله ظله على الإسلام والمسلمين
في الشهادة الثالثة في الأذان بصورة متصلة وأجركم على المولى جل علا . ( قاسم سالم البياتي 12 رمضان 1374هـ ) .
الجواب
بسم الله الرحمن الرحيم وله الحمد :
الشهادة الأولى لله تعالى بالوحدانية ، والشهادة الثانية الشهادة للنبي بالرسالة ، والشهادة الثالثة الشهادة لعلي عليه السلام بالولاية ، وهذه الشهادة الثالثة يستحب ضمها
إلى الشهادتين في كل مورد جيء بهما في الأذان وغيره من الموارد عدا الصلاة ، وقد واظب عليها الشيعة في الأذان مواظبة تامة
حتى صارت رمزا إلى التشيع ، بحيث يكون الأذان الخالي منها دليلاً على كون المؤذن من أبناء السنة ، والذي يأتي بها في الأذان
لا يأتي بها بعنوان الجزئية من الأذان وإنما يأتي بها بعنوان الاستحباب ، لما ذكرنا أنه يستحب ضمها إلى الشهادة للنبي بالرسالة
ولأجل ذلك لا تكون بدعة ولا ضلالة ، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم . ( السيد محسن الحكيم الطباطبائي) .
الفتوى الثانية
سؤال
بسم الله الرحمن الرحيم وله الحمد وحده سماحة حجة الإسلام السيد محسن الحكيم حفظه الله .
تفضلتم فأجبتم على استفتاء للأخ قاسم سالم البياتي حول الشهادة الثالثة وقد جاء :
( وهذه الشهادة الثالثة يستحب ضمها إلى الشهادتين في كل مورد جيء بهما في الأذان وغيره من الموارد عدا الصلاة 000) أفتونا مأجورين حفظكم الله .
1- عن سبب ودليل استحباب ذكرها في أذان الصلاة عدا كونها شعاراً للشيعة دون السنة.
2- سبب عدم استحبابها بعد الشهادتين في التشهد في الصلاة إذا أردتم بقولكم عدا الصلاة أي عدا التشهد في الصلاة .
3- وهل هناك من يقول بالشهادة الثالثة في التشهد عند الصلاة فقد التبس علينا فهم ( عدا الصلاة ) معنى ، وعلة ، ودليل .
أرجو التفضل بالجواب ولكم الأجر والثواب والداعي لكم بالخير.
( السيد مهدي العطار 26 رمضان سنة 1374 )
الجواب
بسم الله تعالى :
1-الدليل الرواية التي رواها الطبرسي في الاحتجاج الكتاب المشهور المسمى باحتجاج الطبرسي ، وهي رواية القاسم بن معاوية عن الصادق ?:
إذا قال أحدكم لا إله إلا الله محمد رسول فليقل علي أمير المؤمنين .
وهذه الرواية لا تختص بالأذان وقد فهم منها أن المراد الإعلان منصب أمير المؤمنين? سواء كان بهذا اللفظ أو بمثل علي
ولي الله أو علي حجة الله أو نحو ذلك .
2-السبب أن هذا القول من كلام الآدميين فلا يجوز في
الصلاة ، وربما يرى بعض العلماء أن هذا القول من الذكر مثل لا الله إلا الله فلا يضر في الصلاة لكن هذا الرأي ضعيف .
3- قد سبق في الجواب السابق أن بعض العلماء يرى أن قول علي ولي الله أو علي أمير المؤمنين من قبيل الذكر فلا يضر وقوعه في أثناء
الصلاة ، والأظهر أنه ليس من الذكر فلا يجوز وقوعه في الصلاة والله سبحانه العالم العاصم وهو حسبنا ونعم الوكيل .
ردود محمد مهدي الخالصي على فتاوى محسن الحكيم
وهنا يرد الشيخ محمد مهدي الخالصي على فتاوى محسن الحكيم ويفندها من عشرين وجهاً فيقول :
المناقشة
إننا لا نبغي من وراء مناقشتنا هذه إلا أن نرى الحق حقاً فنتبعه والباطل باطلاً فنجتنبه ونشهد الله على ذلك فنذكر الأمور التالية :
أولاً :
إن خلو الأذان من كلمة (( أشهد أن علياً ولي الله )) وأمثالها من ضروريات الدين ومنكر ضروري الدين كافر بإجماع المسلمين ومخالفه فاسق .
وقولنا ضروري من ضروريات الدين يدل عليه خلو أحاديث الأذان المتواترة من طرق الشيعة ، ومن طرق أهل السنة من هذه الكلمة وهذه الأحاديث كلها دليل
قاطع على عدم جواز الإتيان بها في الأذان لأن الأذان عبادة والعبادة توقيفية وكل عبادة لم يرد بها نص فهي حرام وبدعة .
ثانياً :
إن العلماء أطبقوا من صدر الإسلام إلى اليوم على أن
هذه الشهادة الثالثة ليست جزءاً من الأذان ، ومنهم السيد الحكيم فإن السيد اليزدي في العروة الوثقى بعد ذكر الأذان قال :
وأما الشهادة لعلي بالولاية وإمرة المؤمنين فليست جزءاً منهما .
فعلق السيد الحكيم عليها بقوله :
بلا خلاف ولا إشكال .
واعترف بذلك أن الشهادة الثالثة ليست جزء ، ونقل عدم الخلاف من العلماء في ذلك .
فإذا قامت ضرورة الدين وعلم أطباق العلماء على عدم الجزئية فأي دليل يدل على جواز إتيانها لا بقصد الجزئية أو استحبابه أنبي جاء بعد النبي محمد
? فأوحي إليه ما لم يوح إلى خاتم النبيين .
نعوذ بالله من هذا الضلال المبين .
ثالثاً :
قال السيد الحكيم في جواب السؤال الأول ( وقد واظب عليها الشيعة مواظبة تامة حتى صارت رمزا للتشيع )
وهذا القول تخرص في مقابل النص ، لأن علماء الشيعة جميعا صرحوا بأنها ليست من الأذان فكيف يواظبون مواظبة تامة على ذكر
ما ليس من الأذان في الأذان وكيف يكون رمزا للتشيع ما أنكروه ونفوه ، أعوذ بالله أن يكون ما لم يأذن به النبي يكون رمزا للشيعة .
?قُلْ آللَّهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللَّهِ تَفْتَرُونَ? (يونس / 59)
رابعاً :
ذكر الفقهاء وعلماء الأصول أن الدليل الشرعي هو الكتاب والسنة وزاد بعض الأصوليين دليل العقل والإجماع .
والسيد الحكيم زاد دليلاً خامساً هو رمز التشيع .
أهكذا تستنبط الأحكام الشرعية ؟!
خامساً :
كيف يرضى الحكيم بعد إقراره أن ( الشهادة الثالثة ) لم تكن في زمان النبي أن تكون رمزا للشيعة ، فيعترف بأن رمز الشيعة ما لم به يجيء النبي
ويصدق تهمة النواصب للشيعة بأنهم مبتدعون مخالفون للنبي ، ونحن نصرح بالحق والحقيقة هي أن علماء الشيعة يستحيل أن يخالفوا
النبي في فتوى فضلاً عن أن تكون مخالفة النبي رمزا لهم وأن هذه البدعة من مختصات المفوضة ، والشيخية مفوضة هذا العصر .
سادساً :
إن الصدوق ( قدس سره ) وهو شيخ علماء الشيعة منذ ألف سنة تقريبا وكتابه ( من لا يحضره الفقيه )
أحد الكتب الأربعة التي يرجع إليها الشيعة في استنباط الأحكام ونقل الأحاديث وهو (( كالبخاري عند أهل السنة ))
يصرح في كتابه هذا بأن الشهادة الثالثة
من وضع المفوضة لعنهم الله والمفوضة كما يعلمه كل أحد أصروا على مذهبهم في هذا الزمان ، ويسمون اليوم باسم الشيخية .
ومع تصريح الصدوق كيف يركن إلى قول السيد الحكيم إ
نها رمز للشيعة وهو يعترف أن الصدوق أقرب إلى زمن الأئمة وأعرف بمذهب أهل البيت منه ومن جميع علماء هذا العصر
سابعاً :
استند السيد الحكيم في فتواه إلى احتجاج الطبرسي ، وأصغر المحصلين من أهل العلم يعلم أن
احتجاج الطبرسي لم يكن مرجعاً في الفتاوى الشرعية لأن أكثر أخباره مراسيل عارية من السند كما اعترف هو به في صدر كتابه .
ثامناً :
لا يشتبه على أصاغر طلاب العلوم الدينية أن احتجاج الطبرسي لا يقابل بكتاب الفقيه للصدوق لأن كتاب الصدوق هو المرجع في الفقه فكيف يستند إليه الحكيم ويترك كتاب الفقيه .
تاسعاً :
الخبر الذي استند إليه لم يروه غير الاحتجاج وقد رواه مرسلا وعبارته هكذا :
روى القاسم بن معاوية قال : قلت لأبي عبد الله …الخ
وبين الطبرسي صاحب الاحتجاج والصادق ? 432 سنة لأن وفاة الصادق ? كانت سنة (150 هـ ) ووفاة الطبرسي كانت سنة ( 588هـ )
فكيف يستند إليه السيد الحكيم في قبال ضرورة الدين .
عاشراً :
إن القاسم بن معاوية لا يوجد له اسم في كتب الرجال ولا في كتب الفقه إلا في كتاب احتجاج الطبرسي فلم
يعرف حاله ومن هو ولو أرانا السيد الحكيم في كتب الرجال أو الفقه راويا يسمى القاسم بن معاوية أسلمنا له قوله فكيف يعتمد على
راو مجهول في قبال الأحاديث المتواترة وإجماع المسلمين وضرورة الدين ، ولا يصح للسيد الحكيم أن يقول أنه يوجد في الرواة
( القاسم بن يزيد بن معاوية العجلي ) فإن القاسم بن يزيد بن معاوية غير القاسم بن معاوية والقاسم بن يزيد لم يرو هذا الخبر.
أحد عشر :
في هذا الخبر على تقدير صحته دلالة واضحة على أن المراد منه غير
الأذان فإنه يقول : إذا قال أحدكم لا إله إلا الله محمد رسول الله فليقل علي أمير المؤمنين ، والأذان ليس قول أحدنا بل هو قول الله
الواصل إلينا بواسطة رسول الله ، فكيف يشمل الأذان ونحن لا ننفي استحباب علي أمير المؤمنين بعد قول لا إله إلا الله محمد رسول .
لكن لا في الأذان الذي هو ليس قولنا لأنه من حدود الله التي لا يسوغ تعديها .
أثني عشر :
في هذا الخبر ورد فليقل علي أمير المؤمنين وينبغي الاقتصار على هذه اللفظة وهي غير
(( أشهد أن علياً ولي الله )) بلفظ الشهادة وتكريرها مرتين كما تكرر الشهادة مرتين على الطريقة التي يؤذن فيها بالتوحيد والرسالة .
فلو صدقنا هذا الخبر وقلنا بشموله للأذان تنزلا فينبغي الاقتصار على لفظ (( علي أمير المؤمنين ))
وتجاوز هذه الجملة إلى (( أشهد أن علياً ولي الله )) ليس في هذا الخبر ولا غيره وهو البدعة .
قال السيد الحكيم : وهذه الرواية لا تختص بالأذان وقد فهم منها أن المراد الإعلان
بمنصب أمير المؤمنين عليه السلام سواء كان بهذا اللفظ أو بمثل ( علي ولي الله أو علي حجة الله أو نحو ذلك ) .
أقول – أي الخالصي - قد بينا أن لفظة أحدكم في الحديث دالة على أن المراد بها غير الأذان ، ولو فرض عدم دلالتها فتسرية
قال أحدكم إلى الأذان وقول فليقل أمير المؤمنين إلى قول أشهد أن علياً ولي الله وأشهد أن علياً حجة الله لا يقتضيه اللفظ
وهو قياس وفقهاء الشيعة لا يعملون بالقياس وهو من مختصات الإمام أبي حنيفة وأهل الرأي من أصحابه ومع ذلك
فإن أبا حنيفة لا يعمل بمثل هذا القياس لأن القياس عنده حجة إذا أعوزت النصوص ولا يعمل بالقياس إذا وجد نص .
والسيد الحكيم عمل (( بالقياس ))
1- مع وجود خمس وعشرين حديثاً عن أئمة أهل البيت على خلافه .
2- وأطباق كلمة المسلمين من الشيعة وغيرهم على نفيه .
3- وقيام الضرورة من الدين على رده .
أهكذا يكون استنباط الأحكام الشرعية ؟
ثلاثة عشر :
يقول السيد الحكيم في فتواه إن كلمة أشهد أن علياً ولي الله من كلام الآدميين فلا يجوز في الصلاة .
وقد أطبق علماء الشيعة استنادا إلى الروايات عن أهل البيت ? على أن الكلام في أثناء الأذان والإقامة مكروه فكيف يقول باستحباب المكروه .
قال المحقق الفيض الكاشاني في مفاتيحه عند ذكر مكروهات الأذان والإقامة ما نصه :
يكره الكلام خلالهما الأذان والإقامة ويتأكد في الإقامة للصحيح وغيره وقيل بتحريمه منها وهو شاذ إلى أن قال ومن كلام المكروه الترجيع ،
إلى أن قال وكذا غير ذلك من الكلام وإن كان حقاً بل كان من أحكام الإيمان لأن ذلك كله مخالف للسنة فإن اعتقده شرعاً فهو حرام .
فلينظر المتدبر إلى هذا التهافت والتناقض في قول السيد الحكيم .
أربعة عشر :
إذا اعترف السيد الحكيم بأن الشهادة الثالثة من كلام الآدميين ثبت كونها بدعة في الأذان وحراما ولان قول الآدميين مكروه في الأذان إذا اتفق
، أما الالتزام بقول للآدميين في الأذان على صورة الأذان وشكله فهو بدعة لأنه إدخال قول الآدميين في قول الله على سبيل الإلزام .
خمسة عشر :
إذا كانت هذه الشهادة من
قول الآدميين كما اعترف به السيد الحكيم ، فما معنى القول بالاستحباب وهل رأيت قول آدمي مستحباً في عبادة موقوفة من الله مستحبة كانت أم واجبة .
أهكذا يكون الفقيه ؟
ستة عشر :
يقول السيد الحكيم بحيث يكون الأذان الخالي منها دليلاً على أن المؤذن من أبناء السنة .
هب ان الأمر كما يقول أفيكون هذا دليلاً على الاستحباب والاستحباب يحتاج إلى أمر من الشارع لا إلى هوى وتعصب .
فيقول باستحباب شيء للتعصب على أهل السنة وقد قال الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم كل عصبية في النار .
على أن هذا مخالف لقول الصدوق فإنه قال إن الأذان المشتمل على مثل هذه الكلمة دليل على أن المؤذن من أبناء
(المفوضة) وأبناء السنة مسلمون وأبناء المفوضة مشركون ، كما ذكرنا ذلك في عقائد الشيخية لعنهم الله .
سبعة عشر :
ذكر السيد الحكيم في جواب السؤال الأول البدعة والضلالة ولم يسأل
عنها فما غرضه من ذلك نحيل فهم هذا إلى القارئ ليعرف أن السيد الحكيم ماذا يريد أطعناً وإثارة فتنة أو جواب مسألة فقهية .
ثمانية عشر :
هب أن سلمنا للسيد الحكيم قوله فالأمر دائر في الشهادة الثالثة في الأذان بين الحرمة كما قول الصدوق وجمهور العلماء المتقدمين ،
أو الجواز أو الاستحباب كما يقول بعض متأخري المتأخرين ، وإذا دار الأمر بين الاستحباب والحرمة فإن الاحتياط يقتضي
الترك لأن في الترك أمناً من العقاب على كل حال وفي الإتيان بها احتمالا للعقاب على تقدير الحرمه فطريق السلامة والنجاة تركها .
وكم من مورد اتفق للسيد الحكيم في رسالته من هذا القبيل فقال بالاحتياط ولا
أدري ما الذي حمله هنا على القول بالاستحباب جزماً من دون تحرج ولا إشارة إلى الاحتياط إلا يدل هذا على شيء في نفسه ؟
تسعة عشر :
قد عرفت حال خبر الاحتجاج وأنه مرسل ، مجهول الراوي ، غير دال على المطلوب وقد استدل به السيد الحكيم .
القرآن في آيات الجمعة هو القرآن ، وبماذا نصف القرآن وآياته واضحات بينات
صريحة الدلالة مؤكدة بالتأكيدات الشديدة وقد ترك السيد الحكيم العمل بها ونفى وجود الجمعة بل قال بحرمتها ، في هذا الزمان بتاتا .
فيا لله للإسلام .
القرآن لا يعمل به لتخرصات واهية وخبر الاحتجاج مع ما فيه يعمل به في قبال ضرورة الدين وإجماع المسلمين والأحاديث المتواترة .
اللهم إليك المشتكى .
عشرين :
أصدر السيد الحكيم هذه الفتوى
وطاف دعاته سهل العراق وحزنه يحملون الرايات السود يموهون على البسطاء في أمر هب أنه مستحب فلا يستحق مهاجمة من لا يعمل بمستحب مثل
هذه المهاجمة وسئل السيد الحكيم عن الشيوعية والشيوعين مراراً وهم ينكرون وجود الله وإرسال الرسل والشرائع ويستبيحون كل
محرم ويهزؤون بالأديان كلها فلم يجب ، مع شدة الإلحاح والإصرار، فما حمله على الإسراع بالجواب هنا وترك الجواب هناك ؟
اللهم أنت تعلم حال عبادك .
? قَالَ رَبِّ احْكُمْ بِالْحَقِّ وَرَبُّنَا الرَّحْمَنُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ? ( الأنبياء:112)
انتهى رد الشيخ الخالصي على أجوبة محسن الحكيم (1).
ثم يقول الخالصي في كتاب الاعتصام بحبل الله(2) لما انتهينا من طبع الكتاب جاءنا منشوران من النجف الأشرف أحدهما بإمضاء الهيئة العلمية
وهذان المنشوران يذكران الشذوذ الكثير ، وضعف الاستدلال ، والمخالفات للموازين الشرعية التي توجد في فتاوى السيد الحكيم.
وجاء كتيب بإمضاء ثلاثة من أكابر علماء النجف يذكرون فيه بطلان الأذان والصلاة إذا أتى بالشهادة الثالثة في الأذان والإقامة وقد
عنون هذا الكتاب باسم (( أشهد أن عليا ولي الله )) وقد طبعت جميعها في مطابع النجف الأشرف وانتشرت من هناك .
انتهى كلامه .
أقول :
وشهد شاهد من أهلها .
وكفى الله المؤمنين القتال .
بعد ان قدمنا النص الكامل لفتاوى الحكيم مذيله بالرد الدقيق والشامل للخالصي -
بدون زيادة ولا نقصان - اعتقد ان ليس ثمة ما يقال بعد ، فالأمر واضح ليس به خفاء إلا على من أعمى الله بصيرته وبصره .
إذا لم يكن للمرء عين صحيحة فلا غرو ان يرتاب والصبح مسفر
فالشهادة الثالثة أذن بدعة لا اصل لها في الدين ، بل هي من فعل الغلاة المفوضة الملعونين ولولا ترداد السنة الجهلة المغفلين وبعض من المنتفعين وتناقل الشيعة
في الحسينات والجوامع لها مستحسنين ، وتجرئ بعض ذوي العمائم في زماننا على عدها من الدين وإنها رمز للتشيع لاهل البيت الاكرمين ،
لولا ذلك لما تكلمنا بهذا الكلام ولعددنا أقوالهم من سقطات الأقلام وهفوات الأحلام فلم نثبتها في قرطاس ولا ذكرنا بها من نسيها من الناس .
ولعل من العسير على القارئ الذي كانت سيرته التلفظ بالشهادة الثالثة
أن يترك مذهبه الذي نشأ عليه منذ نعومة أظفاره ، بل ونشأ عليه قومه ولكن لما كان الحق أحق أن يتبع ، لذا يتوجب عليه أن يتخلى عما
كان عليه حسب تقليده ويدرس المسألة على ضوء أدلتها متخلياً عن كل رأي مسبق وعند ذلك يتجلى له الحق بأجلى مظاهره ويسهل قبوله.
ولا يبالي بما يقال عنه مادام مستيقناً أنه على الحق وأنه متبع للنبي? وأهل بيته في تركه لهذه الزيادة وعندها هنيئاً له بالاتباع والنجاة من الوقوع في خطر الابتداع .
ولننظر اليوم ونحن نسمع الأذان في المساجد والحسينيات وما حصل به من زياده وإضافة فنترحم عند سماعه على أيام المفوضة الذين
لعنهم الأئمة وعلماء الشيعة وقالوا بكفرهم ، فهم الآن أقل غلواً وبدعة من شيعة زماننا الذين أصبحوا أشد عناداً ومخالفة لأئمة أهل البيت.
حيث أن المفوضة أضافوا إلى الأذان أشهد أن علياً ولي الله فقط أما اليوم فنسمع للأذان مقدمة ونهاية لا نعرف من أين أتت ، وبأي حديث عن الأئمة وردت .
ثم إنهم لم يقتصروا على ذكر علي? وإنما أضافوا إليه بقية الأئمة المعصومين الإثنى عشر ، بإضافة عبارة وأولاده المعصومين حجج الله فأصبح النداء :
اشهد أن علياً وأولاده المعصومين حجج الله .
ومما ينبغي ان يعلم ان المفوضة وهم أصحاب هذه البدعة لم يجرءوا على إضافة ما زاده المتأخرون .
فأصبح لعلي صفتان في الأذان بأنه ولي الله ، وحجة الله ، وللنبي? صفة واحدة وهي انه رسول الله .
ولا ادري لم استحق قوم اللعنة لانهم
زادوا محمد وال محمد خير البرية ولم يستحق هذه اللعنة من زاد اشهد أن علياً وأولاده المعصومين حجج الله التي لا يقول بها أحد غير الشيعة الإمامية.
ولا نعرف ماذا تخبئ لنا الأيام القادمة من إضافات .
واليك نص الأذان الذي يرفع الآن في الجوامع والحسينيات كل يوم لترى كم هي الإضافات التي لحقت بالأذان والله المستعان .
أذان اليوم
أعوذ بالله من شر الشيطان الرجيم .
بسم الله الرحمن الرحيم .
إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليماً .
اللهم صلي على محمد وآل محمد.
سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر. زيادة
سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر.
سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر.
ولله الحمد .
الله أكبر ، الله أكبر ، الله أكبر ، الله أكبر.
أشهد إن لا إله إلا الله ، أشهد أن لا إله إلا الله .
أشهد أن محمداً رسول الله ، صلى الله عليه وأله .
أشهد أن محمداً رسول الله ، صلى الله عليه وأله .
أشهد أن علياً ولي الله .
أشهد أن علياً وأولاده المعصومين حجج الله.
حي على الصلاة ، حي على الصلاة .
حي على الفلاح ، حي على الفلاح .
حي على خير العمل ، حي على خير العمل .
الله أكبر ، الله أكبر.
لا إله إلا الله ، لا إله إلا الله.
إلى أرواح المؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات ومن مات على الإيمان .
ثواب سورة الفاتحة قبلها الصلاة على محمد وآل محمد .
اللهم صل على محمد وآل محمد .
هذا نموذج واحد من نماذج الأذان الذي يرفع في المساجد والحسينيات
إذ إننا نجد أن لكل مؤذن عباراته الخاصة التي يختلف بها عن الآخرين فالإضافات لا تعد ولا تحصى ومتروكة إلى مزاج كل مؤذن .
وختاماً ايها القارئ الكريم اسأل الله تعالى أن ينفعني وإياك بما قرأت من معلومات ،
و عسى الله أن يجعلها رصيداً لك تذود به عن دينك ، فاستودعك الله دينك وأماناتك وخواتيم أعمالك والى اللقاء مع وقفات أخر ان شاء الله .
هوامش
(1) [ الاعتصام بحبل الله / محمد مهدي الخالصي ص 50 – 52 ]
(2) [ الاعتصام بحبل الله / محمد مهدي الخالصي ص 53 - 55 ]
(3) [ الاعتصام بحبل الله / محمد مهدي الخالصي ص78-87 ]
(4) [ الاعتصام بحبل الله / محمد مهدي
المصدر : أبو عمار العراقي