((أذكر أن شخصا اسمه (محمد حسن مزرجي) كان قد سأل (أبا القاسم الخوئي) سؤالاً, ثم أرسلوا إليّ جواب السيد الخوئي أيضا, وطلبوا مني رأيي, فرددت على الخوئي بالدليل, ولا أعلم هل بلغه جوابي على هذه المسألة أم لا؟ ولا أعلم إن كانت قد وصلته الرسالة, وما هو موقفه مني؟
وهذا نص الرسالة المذكورة:
(إلى الحضرة المباركة آية الله العظمى السيد العلامة البرقعي أدام الله ظله.
لقد ورد سؤال من "السيد محمد حسن مزرجي" إلى السيد الخوئي, وهذا نصه:
إذا كان القرآن الكريم يقول:}إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ{ الزمر آية 30, ويقول: (إِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى) النمل آية80, فكيف يمكن أن نتقدم على ضريح الأئمة ونطلب الحاجة منهم؟
أرجو منكم أن تبينوا رأيكم, وأن تجيبوا على السؤال التالي: "لو كان الأئمة أحياء فمن هم المدفونون في هذه الأضرحة؟
جواب السيد الخوئي للسيد محمد حسن مزرجي:
(بسم الله الرحمن الرحيم.
قال الله تعالى: (وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاءٌ وَلَكِنْ لَا تَشْعُرُونَ) البقرة آية 154, .. (وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ) آل عمران آية 169 بناءً على هاتين الآيتين المباركتين فالأموات ليسوا سواء, فالأولياء مثل الأحياء في هذه الدنيا, متنعمون عند الله, ويبشرون الذين في هذه الدنيا, والأخبار المعتمدة الدالة على ذلك أوسع دلالة من هذه الآية المباركة, ولُيرجع إلى الأخبار المتعلقة بهذا الموضوع لزيادة الإيضاح والبيان.
توقيع الخوئي
أقل السادات سيد إسلام نبوي)
تعليق البرقعي على جواب الخوئي:
(باسمه تعالى!
هذا الجواب متناقض وبعيد عن مراد السيد الخوئي, حيث قرر في أوله ما يناقض آخره, ففي موضع قال: إنهم أموات, وقال: يستفاد من هاتين الآيتين أن الموات ليسوا سواء, يعني: أنهم أموات ولكن ليس كالأموات, ثم قال: إنهم منعمون تماما عند الله كالأحياء في الدنيا! فيقال: إن كانوا أمواتاً فكيف يكونون تماما كالأحياء! يقول الله تعالى في سورة فاطر:(وَمَا يَسْتَوِي الْأَحْيَاءُ وَلَا الْأَمْوَاتُ إِنَّ اللَّهَ يُسْمِعُ مَنْ يَشَاءُ وَمَا أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ) فاطر آية 22, فكلام السيد الخوئي مخالف لهذه الآية وإن كانوا تماما كالأحياء فلماذا يقبرون إذا؟! حيث إن الأحياء لا يقبرون, فلماذا يدفن الأئمة إذاً؟!
ثانياً: كتب السيد الخوئي أنهم منعمون في هذه الدنيا, وأنهم منعمون عند الله بنعمة دائمة, ومع أن نعيم الدنيا فانٍ كما في سورة النحل (مَا عِنْدَكُمْ يَنْفَدُ وَمَا عِنْدَ اللَّهِ بَاقٍ) النحل آية 96, إذا النعيم الذي هم فيه غير النعيم الذي في الدنيا,لأنه قال في سورة الأنعام: (لَهُمْ دَارُ السَّلَامِ عِنْدَ رَبِّهِمْ) الأنعام آية 127, فعلمنا أن المراد بقوله: (عندَ رَبّهِم) هو دار السلام, وقال: (وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلَامِ) يونس آية 25, ونفس الآية التي أوردها السيد الخوئي (بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ )آل عمران آية 169, قال في ذيلها المراد بـ (عند ربهم) الأنعام آية127 هو الجنة, لأنه قال: (فَرِحِينَ بِمَا آَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (170) يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ) آل عمران آية 170-171, فهم مباينون لمن خلفهم, ولم يلحقوا بهم, فليسوا في الدنيا, والثاني قال: (فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ) البقرة 38, وقد علم أن هذا ليس في الدنيا لأنها مليئة بالبلاء والخوف والحزن, ,أمر آخر: أنه قال: (يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ) آل عمران آية171 يبين أن الجنة أعطيت لهم أجرا لهم وليس الدنيا, فالسيد الخوئي لم يكن يعلم المراد بالآيات, أو أنه كتب حسب هوى العوام, أو أخطأ وليس بمعصوم.
ثالثاً: آية الشهداء متعلقة بشهداء بئر معونة وبدر(1) وجميع شهداء العالم, ولا تنحصر بالأئمة الاثني عشر, وعلى قول السيد الخوئي ينبغي أن يكون ملايين الشهداء كلهم أحياء, وينبغي أن يكونوا مع الناس في البيوت والتجمعات, ولا يقول بهذا عاقل! والأخبار التي أشار إليها السيد الخوئي أكثرها مخالفة للقرآن فهي مردودة, ومن أراد أن يتضح له ألمر فليرجع على مسائل الزيارات في كتاب (أحكام القرآن).
والسلام على من اتبع الهدى, ونعوذ بالله من ضلالات الخرافات.
الأحقر: السيد أبو الفضل العلامة البرقعي.))
سوانح الأيام ص136-138
ــــــــــــــــــــ
الراجح عند جمهور المفسرين أن سبب نزولها هو في شهداء أحد رضي الله عنهم, وإن كان المعنى يعم سواهم كما أشار المؤلف رحمه الله.