اليهود والنصارى والملاحدة في إيران يتمتعون بحرية لا تعطى لأهل التوحيد.

(( تركت المنزل الوقفي الذي كنت راضيا به, فأخذت الأثاث إلى منزل أحد أقاربي, ثم استأجرت منزلا في شارع (جمال زاده) في الطابق الثالث مقابل (كنيسة للمسيحيين), وكنت أنظر من النافذة إلى الشارع فأرى أهل التثليث يروّجون للتثليث بكل حرية.. وأنا ليس لي الحق بأن أتكلم بين المسلمين عن التوحيد الذي يقرره القرآن الكريك!

وبطبيعة الحال فإن حكومة الشاه لم تكن ساخطة على ما يجري لي, لأنهم لا يريدون أن يوجد في طهران أي مسجد يوقظ الناس أو يعرفهم بالحقائق الإسلامية, فالحكومة كانت تدعم انشغال الناس بالخرافات المذهبية, والشاه بنفسه يروج لهذه الخرافات فكان يقول: العباس أمسك ظهري.. ويقول: التقيت بإمام الزمان .. ونحو ذلك في هذا الكلام.(1) 

وعلى كل حال: ذهبت مضطرا وسكنت في شارع جمال زاده, ولكن حتى بعد انتقالي لم أكن بمأمن من أيدي العوام الذين يحركهم الشيوخ والمداحون(2), ومع الأسف كان الناس يذهبون ويأتون أفواجا إلى كنيسة النصارى شيوخا وشبابا بنين وبنات, ولم يكن أحد من الناس يتعرض لهم, ولكن بمجرد أن يأتي أحد إلى منزلي فإنه عليه أن يتوقع خطر الخرافيين.

للأسف لم أكن حرا في الوقت الذي فيه كان اليهود والنصارى أحراراً.. كانت كتبي ممنوعة, وكانت كتب اليهود والنصارى, بل وحتى الدهرين الملاحدة مسموح بها(3).. وكانت كتب الخرافة وأسفارها وكتب الصوفية والشيخية غير ممنوعة, ولكن كتبنا ممنوعة))    

سوانح الأيام ص102-ص103

ـــــــــــــــــــــــــ

(1)  ذكرنا نموذجا على أقوال الشاه في هذا الخصوص في مبحث (الشاه ومهدي الشيعة) فليرجع له من أرادة الزيادة.

(2) يسهل تحريك عوام الشيعة من قبل الشيوخ والمداحين الناهقين الناعقين, فهم بذلك ينطبق عليهم قول علي رضي الله عنه(الناس ثلاثة عالم رباني ‘ ومتعلم على سبيل نجاة ‘ وهمج رعاع غوغاء أتباع كل ناعق يميلون مع كل ريح ‘ لم يستضيئوا بنور العلم ‘ ولم يلجؤا إلى ركن وثيق ) أخرجه الخطيب في الفقيه والمتفقه . 1/94  وأبو نعيم في الحلية ج1 ص79-ص80 وغيرهم.

(3) هذه الحال كانت أيام حكومة الشاه العلمانية, فلما جاءت حكومة خميني الإسلامية ـ زعموا ـ بقي الحال كما هو بالنسبة لليهود والنصارى والمجوس وزاد اضطهاد أهل السنة أضعافا مضاعفة.