((في هذه السنوات ـ وكان عمري أربعين أو أكثر قليلا ـ كنت قد بدأت ببيان الحقائق في مسجد حي وزير دفتر, كما كنت أستغل الأسفار والمنابر لذلك, ومرة من المرات أردت السفر إلى الهند فذهبت إلى شيراز, ولما وصلت إلى مدينة (آباده) كان الوقت في أول المغرب و الجو بارد, فذهب الناس ليأكلوا ويستدفئوا في المقهى, وأنا ذهبت على المسجد المجاور للصلاة, وبعد الصلاة رأيت جمعا من الناس ينتظرون أحد الوعاظ قالوا بأنه سيأتيهم من مدينة (إقليد) وقد تأخر عليهم, فاغتنمت الفرصة, وصعدت المنبر وبدأت في بيان بعض معاني التوحيد, واختصرت الخطبة حتى لا أتأخر على الحافلة, ثم خرجت من المسجد بسرعة, وشاهدت المسافرين قد ركبوا الحافلة وهي تتهيأ للحركة فركبت الحافلة وتحركت مباشرة.
الناس الذين سمعوا كلامي في المسجد أعجبوا به, وقالوا: ينبغي أن ندعو هذا السيد لكي يعظنا في هذه الليالي, فخرجوا خلفي فلم يجدوا لي أثرا, فلم يعرفوا هل صعد هذا الشخص إلى السماء أم اختفى في الأرض؟! فتعجب الناسُ وقالوا: لا محالة بأن هذا السيد الذي تكلم بأحسن الكلمات, هو إمام الزمان (المهدي)[1], ثم بدءوا يبكون وينحون ويتأسفون على فقدانهم هذه الفرصة الثمينة, ثم انتشر الخبر في النواحي والمدن المجاورة, أن إمام الزمان زارهم في مدينة (آباده).
ولما كنت في شيراز سمعت أن إمام الزمان وعظ الناس على منبر مسجد (آباده) في الليلة الفلانية ثم رحل.
وقد طال بقائي في شيراز شهرا فلم أستطع التوجه إلى الهند ورجعت إلى طهران.))
سوانح الأيام ص63
[1] لا يستغرب القارئ مثل هذه الحكايات عند الشيعة حيث إنهما لطالما روجوا بين الفينة والأخرى ظهور المهدي في مكان ما, حتى أن مراجعهم في إحدى محاضراته زعم أن المهدي قد شوهد يتمشى على (كورنيش الكويت)!!