سيطرة الأوباش والرعاع على مساجد الشيعة في إيران.
((وبعد فترة يسيرة دب الخلاف بين مصدق والكاشاني, وانسحب ذلك عليّ, فصار الناس في الحي مختلفين عليّ, فبعضهم عاداني بسبب صداقتي للكاشاني, ومن أشدهم عليّ شخص اسمه (عبد الرحيم), وهو عامي معجب بنفسه, يملك مخبزاًً, وقبل مجيئي كانت جميع الناحية تابعة له, فكان يجمع الناس في كل عاشوراء, ويحشد الأوباش الجهلة, ويدعو المنشدين وينظم العزاء في المسجد, ويأخذ مبالغ طائلة من التجار وأعيان المنطقة من وراء ذلك.
وكان يقف بنفسه بلباس أسود بجانب المسجد فيرحب بالناس, ويدعو كل منشد خرافي, وخاصة أصحاب الأصوات الجميلة التي لا تقول شيئا ينفع الناس.
ولما أصبحت إماما لهذا المسجد كنت بين خيارين:
أولهما: أن أسير على طريقة هذا الرجل وأصوبها وأثني عليه, وحينها سيكون تابعا لي, وسأشاركه في أكل أموال الناس بالباطل.
ثانيهما: أن أقول الحق, وأمتنع عن هذه الانحرافات, وبطبيعة الحال سأقف في طريق مصدر رزق (الحاج عبد الرحيم), فسيكون هو أتباعه أعداء لي في هذا الحي, ومثله شخص آخر اسمه (السيد عباس قاري) وأما أنا فقد عزمت على الابتعاد عن طريق المرائين والمتاجرين باسم الدين.
نعم, إن كثيرا من الشيوخ الموجودين في المساجد يأخذون بالطريقة الأولى, وهكذا يعيش هو وكبير المنطقة بكل سرور. يأكلون أموال الناس ويمتصون دمائهم, لكنني لم أرتض ذلك لنفسي.
في أول سنة صليت فيها في المسجد, دخل علينا عاشوراء في فصل الشتاء, وفي نصف الليل استيقظت من النوم على أثر ضجيج وأصوات مرتفعة, فذهبت لأستطلع الأمر, فوجدت مجموعة أغلقوا باب المسجد وخلعوا ملابسهم وأحدهم يقرأ أناشيد حسينية, يذهبون إلى حوض المسجد فينغمسون فيه ثم يخرجون وبكل سوء أدب قد (يتضرطون) أمام بعضهم, وبعد أن أكملوا العزاء ذلك المساء ظلوا في المسجد يرقصون ولم يصلوا معنا صلاة واحدة, حتى وقت المغرب والعشاء, فكنا نصلي مع الجماعة وهم يتمازحون ويتكلمون ويشوشون على المصلين.))
سوانح الأيام ص57-ص58